صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خبراء يطالبون بالتوسع في التعليم المهني والتقني لخفض معدلات البطالة

طالب خبراء، بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية، والذهاب باتجاه تطبيق سياسة مالية توسعية من خلال زيادة الاستثمار الرأسمالي، والنظر في سياسات التعليم، باتجاه التوسع في التعليم المتوسط والتقني والمهني والتقليل من التعليم الجامعي.
وأكد هؤلاء الخبراء، الذين شاركوا في جلسة حوارية عقدها أول من أمس، مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية ومؤسسة فريدريش إيبرت، لمناقشة ورقة موقف حملت عنوان “تأثير كورونا على الشباب في سوق العمل الأردني”، وذلك ضمن سلسلة من الجلسات المتخصصة حول “كورونا وسوق العمل”، ضرورة تحسين شروط العمل في القطاع الخاص من خلال توسيع شمول منظومة الضمان الاجتماعي لتشمل جميع العاملين بأجر في الأردن، وضمان تطبيق معايير العمل من خلال تفعيل أدوار النقابات العمالية، وتطوير نظم التفتيش في وزارة العمل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
ولفتوا إلى أن “تداعيات فيروس كورونا المستجد ألقت بظلالها، بشكل مباشر، على توفر فرص العمل أمام الشباب ذكورا وإناثا وفقدان العديد من العاملين لوظائفهم، وتخفيض أجورهم نتيجة أوامر الدفاع التي صدرت عن الحكومة بداية الجائحة”، مؤكدين “أن مجمل ذلك أدى إلى تعميق التحديات أمام الشباب والشابات، المقبلين/ات على سوق العمل، إذ ضاقت الخيارات أمامهم أكثر مما كانت عليه سابقاً، وتبددت الكثير من الأحلام الكبيرة لديهم، خاصّة مع ارتفاع معدلات البطالة في الأردن خلال الربع الثاني من العام 2020 إلى 23 %، وبين الشباب من 42 إلى 58 % وهي مستويات قياسية مقارنة مع معدلات البطالة التاريخية في الأردن”.
وبيّنت ورقة متخصصة عرضها مدير مركز الفينيق، أحمد عوض، أن فيروس كورونا المستجد، خلق تحديات جديدة تمثلت في خسارة سوق العمل لآلاف الوظائف القائمة بسبب حالة الانكماش التي دخلها الاقتصاد الأردني، وتراجع مستويات الأجور بشكل ملموس، ما أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير وخاصة بين فئة الشباب.
وأشار عوض إلى “العراقيل التي تصطدم بخيارات الشباب والشابات، أهمها السياسات الاقتصادية وسياسات العمل التي طبقت في الأردن خلال العقود الماضية، والسياسات المالية الانكماشية والسياسات الضريبية غير العادلة التي أضعفت قدرات الاقتصاد الأردني على توليد فرص عمل جديدة، إضافة إلى الاختلالات الكبيرة في السياسات الناظمة للتعليم في الأردن”.
في هذا السياق، تحدثت مديرة مؤسسة التعليم لأجل التوظيف، غدير الخفش، عن ضرورة تسليط الضوء على الصعوبات والتحديات التي تواجهها الشابات في سوق العمل، خاصّة ظروف الأمهات العاملات في ظل التعليم عن بعد، وقضايا التحرش بالنساء في المواصلات والعمل. وأكد المشاركون في الجلسة، أهمية تعديل المنظومة التعليمية، وتحقيق التوازن بين الشباب والشابات الملتحقين في مسار التعليم الجامعي والملتحقين في التعليم المتوسط والمهني نتيجة التسهيلات لجامعات القطاع الخاص، وتوسع الجامعات الحكومية في برامج التعليم الموازي.
وركزوا على ضرورة توعية الشباب والشابات بالتخصصات الجامعية الراكدة التي استنفذت كل الوسائل لتنشيطها، وتوجيههم إلى تخصصات لها مستقبل في سوق العمل.
وأشار عدد منهم إلى التحديات الكثيرة التي تواجه الشباب والشابات من ذوي الإعاقة في سوق العمل، وإلزامية طرح خطط عملية لإدماجهم في سوق العمل، إلى جانب إنشاء صندوق لدعم المشاريع الشبابية الريادية في كافّة محافظات المملكة.
كما ناقشت الجلسة التحديات التي خلفها فيروس كورونا المستجد على سوق العمل وتأثره بنظام التعليم والتدريب المهني والتقني في الأردن، وضرورة تحسين التدابير التي تقوم بها الدولة للتعامل مع الآثار الاقتصادية لتداعيات هذه الأزمة، وأن الأزمة الحالية تظهر الحاجة الماسة إلى تغيير مجمل منظومة العمل والقطاعات الاقتصادية، إضافة إلى التعليم والتدريب المهني والتقني، مما يساهم بشكل كبير في التخفيف من معدلات البطالة.
وأكدّ المشاركون، ضرورة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تطوير مهارات التعليم التقني بهدف التشغيل، وضرورة أن يقوم الشباب والشابات بتعويض نقص المعارف والمهارات التي اكتسبوها في المؤسسات التعليمية من خلال تدريب أنفسهم على المهارات والمعارف اللازمة للانخراط الفعلي في سوق العمل.
ولفتوا إلى أن أحد أسباب عزوف الشباب والشابات عن الالتحاق بالتخصصات المهنية، هو النظرة الدونية إلى هذه التخصصات والعاملين فيها من قبل المجتمع، وعدم تهيئة مؤسسات التعليم المهني، موضحين أهمية التوعية باختيار التخصصات في مراحل مبكرة من التعليم المدرسي بما يتلاءم مع حاجات سوق العمل.
وبالعودة إلى الورقة التي تم عرضها ضمن الجلسة، فقد بينت ان “التحديات الصعبة التي يواجهها الشباب في سوق العمل الأردني، لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج لجملة من الخيارات والسياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن على مدار العقود الماضية، وتمثلت في السياسات الاقتصادية التي أضعف قدرات العديد من القطاعات الاقتصادية على توليد فرص عمل جديدة، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي الشمولي خلال الأعوام العشرة الماضية، وبقائها عن مستوى 2 %”.
وأشارت الورقة الى “عدم قدرة كل من القطاعين الخاص والعام على استيعاب الداخلين الجدد إلى السوق وخلق المزيد من الوظائف اللائقة، والافتقار إلى برامج وطنية تسهّل الانتقال السلس من النظام التعليمي إلى العمل، بما في ذلك التدريب المهني والإرشاد والتوجيه المهني”.
وجاء في الورقة، “تعاني قطاعات واسعة من الشباب من ضعف جودة التعليم الأساسي والثانوي وما بعد الثانوي الذي يتلقونه، الأمر الذي ينعكس سلبا على مهاراتهم المعرفية والفنية الأساسية، اذ أن نتائج امتحان الكفاءة الجامعية الذي تعقده وزارة التعليم العالي بشكل دوري تظهر أن غالبية خريجي الجامعات الجدد يمتلكون أقل من 50 % من المعارف والمهارات التي يجب عليهم امتلاكها، ومجمل ذلك يضع عقبات أخرى أمام الشباب للحصول على وظائف لائقة”.
ووفق الورقة، “من العوامل التي أضعفت القدرات المعرفية والمهاراتية للشباب ضعف برامج التدريب العملي أثناء الدراسة Internship، ناهيك عن غياب برامج الإرشاد والتوجيه المهني أثناء مرحلة اختيار التخصص الذي يدرسونه، يضاف إليهم عشرات آلاف الطلبة سنويا الذين يخفقون في اجتياز امتحان الثانوية العامة، نسبة كبيرة منهم تصبح عمالة غير ماهرة، بسبب ضعف منظومة التعليم المهني والفني غير القادرة على استيعابهم، والتي لا تلقى الاهتمام الكافي من الحكومة، ويضاف الى ذلك أن التعليم الأكاديمي أصبح مرتبطاً بفكرة المكانة الاجتماعية، اذ يُعتبر التعليم والتدريب الفني والمهني (TVET) بمثابة مسارات تعليمية من الدرجة الثانية، وجزء قليل من الطلبة يلتحقون بهذه البرامج، جاء ذلك جراء التوسع غير المبرر في التعليم الجامعي، رافق ذلك تطبيق برامج تشغيل حكومية غير فعالة على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي دفع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات الى مستويات عالية جدا، حيث بلغت في الربع الأول من العام الجاري بين الجامعيين الذكور 25 %، وبين الجامعيات الاناث 71 %”.
وقالت الورقة، “تعاني قطاعات واسعة من الشباب الأردني من عدم توفر بيئة وشروط عمل لائقة عند التحاقهم في سوق العمل، وهي ظروف صادمة لغالبية الشباب طالبي الوظائف الجدد في غالبية القطاعات الاقتصادية الأردنية، والتي يشكل الانخفاض الملموس في مستويات الأجور أبرز سماتها، وتفيد مؤشرات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2018، أن 66.1 % من العاملين المسجلين لديها تبلغ أجورهم الشهرية 500 دينار فما دون، و29.6 % أجورهم الشهرية تبلغ 300 دينار فما دون، يضاف الى ذلك أن ما يقارب ثلث القوى العاملة الأردنية غير مغطيين بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية”.

التعليقات مغلقة.