صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تجويد العمل البرلماني!

في مقتبل عمر المجلس التاسع عشر يتداعى الكثير إلى آليات تجويد العمل البرلماني على صعيد الأفراد واللجان والكتل على حدٍ سواء، خصوصاً وأننا نتحدث عن مجلس نواب يجمع الخبرات وروح الشباب وهذا من شأنه أن يشكل إضافة نوعية لأداء المجلس، وتطوير المخرجات لتنسجم بصورة حقيقية مع أولويات وقضايا واحتياجات المواطنين، وفي هذا الإطار لا بد أن يتم التركيز على ثلاثة جوانب أساسية يمكن البناء عليها.

أولى هذه الجوانب الكتل البرلمانية، إذ أن المتتبع للعمل البرلماني يعي جيداً أن تعزيز وتطوير البرلمان يرتكز بشكل أساسي على أداء الكتل البرلمانية وانسجامها سيما وأنها هي الأداة الوحيدة للعمل الجماعي داخل مجلس النواب، وهنا يجب أن تعمل الكتل على تعزيز تماسك الأعضاء فيها من خلال الاجتماعات المسبقة ووضع برامج تنسجم مع متطلبات المرحلة وأن يتم اعتماد تلك البرامج بالتوافق بين أعضاء الكتلة، كما على الكتل البرلمانية الاكتفاء بكلمة وخطاب موحد سواءً في مناقشات الثقة أو الموازنة أو باقي القضايا النقاشية تحت القبة، وأن تعبر هذه الكلمة عن آراء وتوجهات أعضاء الكتلة، والذي بالضرورة سينعكس على زيادة درجات التناغم التصويتي بين أعضاء الكتلة الواحدة، أيضاً لا بد على الكتل البرلمانية أن تعمل على استقطاب الخبرات الاقتصادية، لتمكينها من بناء انطباعاتها على سبيل المثال لا الحصر قانون الموازنة، وعلى الكتل أن تجعل قنوات التواصل أكثر فاعلية بينها وبين القواعد الانتخابية وترسيخ نهج التشاركية في عملية اتخاذ القرار، أيضاً على الكتل أن تعمل على عقد اجتماعات دورية لمناقشة القضايا والمستجدات وأن تقدم بكل شفافية أخبارها وتوجهاتها للإعلام والمواطن على حدٍ سواء.

أما ثاني هذه الجوانب فيتعلق باللجان الدائمة والتي تعتبر المطبخ التشريعي في مجلس النواب، ورغم التطور الملحوظ في أداء اللجان إلا أنه لا بد من تطوير الأداء لينسجم مع التحديات الراهنة والمساهمة في تعزيز ثقة المواطن بالبرلمان، وهنا ينبغي على اللجان أن تعزز قيم الشفافية وضمان تدفق المعلومات من خلال بث اجتماعاتها بكل شفافية عبر وسائل الإعلام أو منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يتوجب  ترسيخ نهج التشاركية بين اللجان والقواعد الانتخابية من جهة، واللجان وأصحاب المصلحة من جهة أخرى، ولا بد من مأسسة التواصل مع المجتمع من خلال الموقع الالكتروني لمجلس النواب للاستماع للآراء والملاحظات التي يتم تقديمها على مشاريع القوانين المعروضة أمام اللجان، ويمكن للجان الدائمة أن تضع ضمن عملها اجتماعات مع أعضاء مجلس النواب الذين ليسوا أعضاءً في اللجنة وذلك بهدف اطلاعهم على القرارات التي توصلت لها اللجان الدائمة حول مشاريع القوانين والأخذ برأيهم وذلك يساهم في الحد من المداخلات خلال الجلسات البرلمانية.

أم الجانب الثالث فهو يتمحور حول الأداء العام وصورة المجلس أمام المواطنين ، إذ لا بد أولاً من تنفيذ مجموعة من الجلسات التي تساهم في تعزيز الفهم للعمل البرلماني وآليات استخدام الأدوات الرقابية والتشريعية، كما لا بد من نقل الخبرات المتعلقة بتطوير الخطاب الإعلامي، كما يتوجب على المجلس أن يضع معاييراً واضحة لآليات الغياب بعذر المعتمدة، وتطبيق نص المادة 155– ب من النظام الداخلي التي تتضمن عقوبات على النائب الذي يتغيب بدون عذر.

وبذات السياق يجب أن يأخذ البرلمان دوراً أكبر بما يتعلق بالرقابة على تنفيذ الموازنة ومناقشة الحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية وعرض نتائجها بكل شفافية، كما يجب تحديد فترة زمنية لدراسة تقرير ديوان المحاسبة من قبل اللجنة المالية وتقديمه للمجلس ومن الضرورة أن تأخذ تقارير ديوان المحاسبة صفة الاستعجال لدراستها بما ينسجم مع نصوص وأحكام الدستور الذي يوجب على الديوان تقديم تقريره للمجلس وعلى الأخير مناقشته لا تأجيله، وضمن هذا المحور على مجلس النواب أن يطلب من ديوان المحاسبة تزويده بتقارير ربع سنوية وذلك يسهم في الحد من التجاوزات في الوزارات والمؤسسات الحكومية ويعمل على تعزيز العمل التراكمي وإيجاد الحلول بشكل دوري.

وأخيراً؛ العمل البرلماني يعتبر الركيزة الأساسية في تطوير الحياة الديمقراطية سيما وأن السلطة التشريعية هي السلطة الوحيدة التي يكون فيها للشعب القرار في اختيار من يمثلهم، وهنا فإننا يجب أن نقدم كل ما يلزم لمجلس النواب والعمل بروح تشاركية تساهم في تجويد وتطوير أدائه.الدستور

التعليقات مغلقة.