صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الإعتراف بالفشل بداية النجاح

يشكل الإعتراف بالفشل خطوة أولى للنجاح ، أما المكابرة وإشاحة الوجه عن الواقع فيعتبر إمعاناً في الفشل، ويجعل صاحبه يغذّ الخطى من فشل الى فشل الى أن يسقط في الهاوية التي نستعيذ بالله من الوقوع فيها .

    ومن إستقراء الواقع بدءً من حكومة الدكتور عبد الله النسور ومروراً بحكومةالدكتور هاني الملقي ووصولاً الى حكومة الدكتور عمر الرزاز وإنتهاءً بحكومة الدكتور بشر الخصاونة ، فإننا نجد أن هذه الحكومات تسير من فشل الى فشل في المجال الإقتصادي والإداري في التصدي لجائحة كورونا ، فالمملكة يسوء حالها على مختلف المقاييس لدى المنظمات الدولية من حيث مكافحة الفساد ومن حيث إنتاجية الفرد ، ومن حيث الإنتاج الوطني، وإستثمار الموارد الطبيعية والبشرية ، وبالرغم من كل ذلك ، لم نجد حكومة من هذه الحكومات تعترف بفشلها ، الأمر الذي قادنا من فشل الى فشل، فالمكابرة عاقبتها وخيمة ، الأمر الذي يقتضي وقفة مع النفس بموضوعية ، حتى إذا إعترفنا بالفشل إنعطفنا نحو معالجة أسباب الفشل .

    وحتى لا أغوص في أعماق التاريخ بعيداً فسوف أخذ مثالاً من حكومة الدكتور بشر الخصاونة ، حيث أطلّ علينا السيد وزير المالية في هذه الحكومة ليضع الدولة أمام خيار من ثلاثة خيارات لمعالجة الضائقة الإقتصادية التي تعانيهاالدولة ، أما هذه الخيارات فهي :

1- زيادة الضرائب .
2- وقف التعيينات في القطاع العام .
3- تخفيض رواتب موظفي القطاع العام .

  لنجد بنظرة سريعة في هذه الخيارات أنه لا يوجد فيها خياراً إبداعياً ، بل جميعها خيارات مكرورة ، ومجترة ، وتقليدية لا يحتاج أي منها لعقل أفلاطون أو عبقرية سقراط ، لكن المشكلة الأكبر من ذلك أن مجلس النواب لم يسأل أو يستجوب وزير المالية حول هذه الخيارات وأين الحلول الإبداعية بدلاً من إجترار خيارات سبق تجريبها فوصلنا الى ما نحن عليه الآن ، لا سيما وأن السؤال هو احد وسائل الرقابة البرلمانية على أداء الحكومة ، ألا يوجد بين هذا العدد الهائل من الوزراء في الحكومة من يتفتق ذهنه وعقليته عن حل إبداعي ؟ّ! فإن كان الجواب بعدم وجود هؤلاء ، فلماذا كل هذا العدد من الوزراء ؟ وبعد ذلك وقبله ألا يوجد في الإدارة العامة بكل مستوياتها ومسمياتها من يجد حلولاً إبداعية لما تعانيه الدولة من ضائقة إقتصادية ؟! أنا أجزم بوجود الكثير من هؤلاء ، لكن ما يمنع مثل ذلك هو إنعدام الأمن الوظيفي لموظفي الإدارة العامة ، إذ لو أن واحداً من الموظفين العامين أبدع حلاً فإن رؤساء هذا الموظف سيخطفون هذا الإبداع وينسبونه لأنفسهم ويصبح صاحبه نسياً منسياً هذا إن لم يتم وقف نموه الوظيفي او قد يلقى به خارج الوظيفة العامة من خلال الإحالة على الإستيداع أو التقاعد المبكر أو الإحالة على التقاعد ، لذا فإن بداية الحل هو تغيير نظام الخدمة المدنية بما يحقق الأمن الوظيفي للموظف العام بحيث لا يكون مستقبله الوظيفي وجوداً وترقية رهناً بمزاجية رئيسه ، وأن يكون إختيار الموظف العام على أساس الكفاءة والولاء للدولة دون سواها وأن يخضع الموظفين في القطاع العام لنظام خدمة مدنية موحد ، فهل من مجيب ؟ّ!.

التعليقات مغلقة.