صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الامن القومي ليس أشواق فحسب بل مصالح عربية ملّحه لا تحتمل التأجيل

سمير الحباشنة

 

لم يعد الحديث، عن الوئام واللقاء العربي، والذي يمثله مصطلح الأمن القومي، مسألة عاطفية او أشواق يرنو اليها العربي، باعتبار انّ امّته الوحيده بين أمم الدنيا، التي تعيش حالة من التقطيع الجغرافي، وما ترتّب عليها من عدم تواصل اجتماعي وثقافي، بل واقتصادي منذ ما يزيد عن ماية عام فحسب، بل وأنّ الحال الراهن قد أصبح يمثل تهديدًا واضحًا ليس للمصالح السياسة لأقطارنا فحسب، بل وتهديداً عملياً يُمارس يوميا ضد أقطارنا، باستباحة ارضنا، وبسرقة مياهنا، وبنهب ثرواتنا، حتى انطبق على عرب هذا العصر قول رسولنا الكريم..

“تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها”.

وبالتدقيق في المشهد العربي الراهن الوغل بالضعف والانقسام، نرى انّ جيراننا من الأمم والكيانات الأخرى لا يتورّعون عن نهب ما يستطاع نهبه من هذه الأمة….. واليكم امثلة….

-2-

فإسرائيل وبالرغم من الإعتراف العربي بها وفق مضمون مبادرة السلام العربي المقررة في بيروت، والذي اعترف بسيطرتها على 78% من أراض فلسطين التاريخية، فإنها لا تكتفي بذلك، بل وتسعى للسيطرة على ما تبقى من الأرض الفلسطينية عبر مشاريع استيطان لا تتوقف … لابتلاع كل الضفة الغربية بما فيها القدس. وبخط مواز فإن قوانينها العنصرية المقيتة تعرف الفلسطينيين بأنهم مجرد سكان او ماكثين لا يختلف وضعهم عن وضع أي عامل وافد اجنبي !.

وأكثر من ذلك فإن حالة الوهن العربي دفعت ” بإسرائيل” على التجرؤ بضم الجولان السوري، رغم ان الجولان هو خارج نطاق مشروعهم التلمودي “المزعوم” !. وإن بقي الحال على ما هو عليه فإن مشروعها التوسعي لا بد يستهدف تهويد أوطان عربية أخرى.

-3-

أما تركيا، وبعد ان اقتطعت عام 1939 لواء الإسكندرون السوري، بتاريخه وبجغرافيته وبديمغرافيته العربية، فإنها تستغل اليوم حالة الفوضى والحرب الدولية المروّعه على سوريا، فتبسط سيطرتها على مناطق شاسعة من الشمال السوري، وتقوم بعملية تتريك للأرض والانسان، حيث تفرض لغتها وثقافتها ، وآخرها الإعلان عن فتح فرع لجامعة إستانبول في المناطق العربية السورية المحتلة ! .

وإنّ تركيا لا تتوقف عن اجتياح شمال العراق بحجة مكافحة الإرهاب !، إلا ان الحقيقة بأنه لازال يراودها حلم ضم الموصل وكركوك، ويقال أن نفط كركوك هو باب ثابت من أبواب موازنة الدولة التركية !. وأن الوضع في ليبيا ليس أفضل حالا بدعوى الحنين الى ليبيا بالادّعاء بأن مصراته العربية…. هي تركية!! حيث استغلت الحرب الداخلية في ليبيا فدفعت بعشرات الألوف من المرتزقه الى ليبيا استنهاضا لحلمها الطوراني القديم .

وخير ما يمثل حالة العرب مع الأتراك، تلك الخارطة التي أعلن عنها مؤخرا والتي تبين الأطماع التركية المستقبلية بسعيها الى وضع كل بلاد الشام والعراق وليبيا ومصر تحت النفوذ التركي !.

أما المياه، فان تركيا تسير قدما ببناء المزيد من السدود الضخمة التي تحرم العراق وسوريا من حصصهما التاريخية من مياه نهري دجلة والفرات، حيث قال وزير المياه العراقي مؤخر ا ن العراق لا يتحصل الا على نصف حصته التاريخية من مياه النهرين!

وبالطبع فان الاطماع التركية القومية مغطاة برداء إسلامي، حيث تقدم نفسها كدولة تحمي مصالح المسلمين السنة في العالم ! والغريب أن هناك بعض العرب من يصدّق ذلك الإدّعاء !

-4-

امّا إيران، فحدث ولا حرج، فبعد أن ابتلعت عام 1925 الاهواز العربية التي تمثل كامل الضفة الشرقية للخليج العربي ولمكانتها الاستراتيجية و ما تحوي من ثروات، فقد احتلت جرز الامارات الثلاث، ولا تخفي مطالبها في البحرين، بل وجزء كبير من الجنوب العراقي.

وكل ذلك بالطبع برداء إسلامي يغطي أطماعها القومية حيث تقدم ايران نفسها على انها تمثل مصالح المسلمين الشيعة في العالم! والغريب أن هناك بعض العرب من يصدّق ذلك الإدّعاء !

-5-

وحتى اثيوبيا، تلك الدولة الضعيفة والمنقسمة على نفسها عرقيا والتي كان محجّها القاهرة أيام النهوض العربي ، هي اليوم تبني سدا عملاقا سوف يحرم مصر والسودان من حقوقهما التاريخية من مياه النيل، بل وانها تماطل كسبا للوقت دون الوصول الى أي اتفاق عادل، ولا تلتفت الى أية جهود دولية بهذا الشأن، ضاربة بعرض الحائط بمطالبات مصر والسودان العادلة، الى أن تقوم بملء السد فيصبح أمرا واقعا! وما سوف يترتب عليه من كارثة تقع على عرب السودان و مصر.ناهيك عن اعتداءاتها السافرة على أراضي السودان العربي!!

-6-

وبعد/ هو غيض من فيض، يُرتب على العرب ان يعيدوا النظر بعلاقاتهم ، وأن يتوقفوا عن المناكفات والخلافات الهامشية ، وأن يعيدوا بناء تضامنهم وفق أسس تعيد للعرب مكانتهم اللائقه، بحيث يصبح الامن القومي بأبعاده الدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، امن واحد فعّال عملا لا قولا ، فيكون أي اعتداء مهما كان شكله ومضمونه على أي بلد عربي، انما هو اعتداء على كل العرب.

في هذه الحالة فقط تستعيد الامة ألقها بين الأمم ، فيحسب الاخرون حسابا لها، ويتوقفوا عن امتهان سيادة اقطارنا وقضم أرضنا ونهب ثرواتنا…..

فهل من صحوة عربية جاده!؟

والله ومصلحة العرب من وراء القصد ،،،،

 

التعليقات مغلقة.