صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العمل والتشغيل.. وجع ودواء بلغة الارقام

علينا النظر بعمق قطاعيا وهنا نجد الدواء ، فعند التوجه قطاعيا علينا النظر جغرافيا، اجتماعيا، اقتصاديا وتوزيعا نسبيا ، والاهم الاستمرارية . فكل ما نقوم به اليوم علينا أن نبني به لابناء المستقبل وهذا لن يحدث اذا ما رسخنا قواعد الحاضر

أكبر تحدي اليوم يواجه العالم هو فقدان الوظائف حيث توقعت منظمة العمل الدولية أن يكون هناك ما يزيد عن 200 مليون شخص سيفقدوا وظائفهم ، واذا تحدثنا عن الاردن فالتوقعات فقدان 140 الف وظيفة ولكن ماذا يعني ذلك ؟

عدد سكان الاردن اليوم قارب على 11 مليون نسمة منهم تقريبا 40 % ( أقل من 14 سنة وأكثر من 65 سنة ) اي يتبقى 6.6 مليون نسمة يمكن أن تشارك بسوق العمل والنشاط الاقتصادي ، علما بأن عدد السكان النشطين اقتصاديا اليوم 2.6 مليون شخص فقط اي 25 % تقريبا من عدد السكان و 39 % من القادرين على المشاركة وهذا يأخذ الاردن لتكون من أقل الدول بمعدل العمالة إلى السكان القادرين على العمل وكانت النسبة 33.5% عام 2020 علما بأنها في قطر 87% والكويت 72% واليابان 60% وأمريكا 59 % والسعودية 53% ومصر 42%، وبذلك وصلنا الى نسبة بطالة قاربت 25% وبالواقع هي أكثر . وبنظرة سريعة يتبين لنا أن كل عامل مشارك اقتصاديا يتحمل عبىْ أربع أشخاص حيث أن 4% من السكان فوق سن 65 سنة و 34% من السكان تحت سن 14 سنة فبذلك العامل النشط اقتصاديا أصبح مرهق جدا اجتماعيا وهنا يكمن التحدي، فكيف لنا أن نصل الى التوازن وماذا عن رواد المستقبل فماذا نحن فاعلون؟

جاءت كورونا وخلطت الاوراق فمن بين العاملين النشطين هناك تقريبا 20 % قادرين العمل عن بعد اي تقريبا 500 الف شخص ولكن بنظرة معمقة لتوزيعها قطاعيا فان 13 % من أصل هذه النسبة مرتبطة بقطاع التعليم وباقي القطاعات ال 11 الاخرى تتراوح النسبة بأقصاها 2% وأقل من 1% وبمتوسط 0.8 % أي أن الزخم العمالي مطلوب في غالبية القطاعات ناهيك عن القطاع غير الرسمي الذي بطبيعة الحال لا يمكن أن يكون عن بعد بمعظمه ، فهنا يكمن الوجع وكيف نخلق فرص العمل وأين هو التشغيل ؟

ميزان الحرارة في التشغيل هو خلق فرص العمل المناسبة وفي القطاعات التي تحتاج الى زخم العمالة من ناحية ولها دور مؤثر في الناتج المحلي الاجمالي من ناحية اخرى وستبقى على الرغم من تحديات التكنولوجيا وما بعد كورونا ، فمثلا قطاع الفنادق والمطاعم وما يتبعها يشكل 10 % من الناتج المحلي ويشغل 3.2 % من العمالة ، والنقل والتخزين والاتصالات يشكل 9% ويشغل 8.5 % ، والصناعات التحويلية تشكل 18% وتشغل 9.5 %، والانشطة المالية والتأمين 18 % تشغل 2 % تقريبا ، والتجارة تشغل 15 % ، أما قطاع الادارة العامة والضمان الاجتماعي فيشغل 27 % من العمالة وهذا بحد ذاته أكبر تحدي .

وحسب التوزيع النسبي للمشتغلين فان 85 % منهم يعمل بأجر و 9% يعمل لحسابه و 4 % صاحب عمل . ويعمل في القطاع العام 40 % والقطاع الخاص 44 % ، ومتوسط الاجر الشهري للذكور 540 دينار والاناث 484 دينار . وهنا يجدر الاشارة الى أن متوسط الاجر الشهري في القطاع العام للذكور 649 دينار أما في القطاع الخاص 495 دينار ، وللاناث في القطاع العام 555 دينار عنه في القطاع الخاص بقيمة 422 دينار وهذا ما أدى تاريخيا لتركز العمالة في القطاع العام الخدمي عوضا عن تركزه في القطاعات الانتاجية وأوصلنا الى ما نحن عليه اليوم .

لكل ما ذكر أعلاه نقول بأنه علينا النظر بعمق قطاعيا وهنا نجد الدواء ، فعند التوجه قطاعيا علينا النظر جغرافيا، اجتماعيا، اقتصاديا وتوزيعا نسبيا ، والاهم الاستمرارية . فكل ما نقوم به اليوم علينا أن نبني به لابناء المستقبل وهذا لن يحدث اذا ما رسخنا قواعد الحاضر ، ولغة الارقام واحدة من الادوات المهمة لانارة الطريق وخلق المسارات للبناء ، فكم من مشاريع استثمر بها ولم تخلق قيمة مضافة وكم من فرص ضاعت ولم ننتبه لها ، واليوم آن لنا أن نعي ما نفعل وماذا سنفعل .

حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه .

التعليقات مغلقة.