صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اللهم أرنا الحق حقًا وأرزقنا اتباعه

الى الأمام قليلا ستبدأ ملامح المشروع الاصلاحي الوطني بالظهور مع دخول اللجان الفرعية (المنبثقة عن اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية) الى المقترحات المحددة وحسم بعض الخيارات. ليست لمسات شكلية تجميلية بل جذرية وحاسمة ولست مخولا ان اقول شيئا الا ما يصدر رسميا عن اللجنة، والقرارات أولية ما زال يتوجب وضعها في اطار البناء الكلي ثم اقرارها بصيغتها النهائية من اللجنة العامة.

مع ذلك سأعطي مثالا للتوضيح فقد أقرت لجنة الأحزاب مبدئيا عضوية للحزب لا تقل عن الف وخمسمائة شخص للاعتراف به مؤهلا لتشكيل أو المشاركة في تشكيل قوائم انتخابية والحصول على التمويل الانتخابي وأن يكون جزءا من كتل انتخابية ومن آلية تشكيل الحكومات. ولهذه الغاية قررت لجنة الانتخاب تخصيص ما يقارب ثلث مقاعد مجلس النواب للأحزاب السياسية وهذا جزء فقط من نظام انتخابي متكامل سوف يغيرّ وجه الأردن سياسيا، الأردن كما عرفناه في العقود الأخيرة فقيرا بالعمل السياسي والأحزاب وتنافس التيارات والأفكار والبرامج، أردن النيابة الفردية، نيابة الخدمات والواسطة والمحسوبية والمصالح الشخصية. وقد يسأل البعض مستغربا وهل يعقل لقانون انتخاب ان يفعل كل هذا؟! لا قانون الانتخاب بذاته لا يفعل لكنه يطلق «ميكانيزمات» التغيير ويفتح الطريق لحراك سياسي اجتماعي غير مسبوق ويطلق الطاقات الكامنة في المجتمع حيث تتحول العملية الانتخابية من سباق محلي شخصي بائس على المناصب الى سباق وطني بين الأفكار والبرامج والتوجهات يصنع بالضرورة طرازا جديدا من القيادات جدير بها اردن المئوية الثانية للدولة.

لا نلوم المشككين والمتشائمين فالتجارب السابقة تزكي موقفهم ولا وسيلة لإثبات خطأهم الا أن تأتي النتائج نفسها بالخبر اليقين. وعلى ما ارى في اوساط اللجنة من الرئيس الى آخر عضو هناك عزيمة ثابتة وارادة قوية للخروج بأقوى النتائج فلا تخذل الملك ولا طموحات الأردنيين. لكن الموجة الأخيرة من الهجومات كانت تحمل شيئا غريبا مختلفا! ليس تشاؤما واحباطا من عمل اللجنة بل تخويفا وتهويلا بأن شيئا خطيرا يطبخ كمشروع معاد لهوية الدولة وعقيدة الأمّة وثوابت المجتمع وأعرافه وتقاليده الخ الخ! وكما لاحظنا فإن الضجّة على عضوين في اللجنة استمرت – من بعض الأوساط – بعد إستقالتهما تلوح بمتابعة آخرين والتشهير بهم وتتجاوز موضوع المنشور أو المقال الى حملة شرسة تشيطن اللجنة وعملها وتضع توصيفات تخلط الحابل بالنابل وتقرن – مثلا – تعابير معروفة ومألوفة في الحياة السياسية مثل «الليبرالية» و»المدنية» بالأوصاف الأكثر فحشا من الإباحية الى المثلية الجنسية الى الالحاد وووو. وقبلها تم استدعاء أشباح الوطن البديل والتوطين والصهيونية والماسونية. وكله طبعا افتراء وهراء من الألف الى الياء، لا صلة له بعمل اللجنة. واللجنة في تركيبتها وهوية اعضائها صورة مصغرة عن المجتمع الأردني فكريا وسياسيا واجتماعيا وهي محددة بمهمة حصرية لوضع قانون جديد للأحزاب والانتخاب يطالب به الاردنيون ليل نهار.

قانون الانتخاب – كما سيرى الجميع – سيحافظ على كل الثوابت ولن ينزع شيئا من احد لا المحافظات ولا البدو ولا كوتات المسيحيين والشركس والشيشان لكنه سيدخل تحديثا في طرق الترشيح والانتخاب يتوق له كل مواطن لتعزيز دور الشعب في القرار وفي المقدمة تطوير دور الأحزاب والقوى السياسة وهي اسابيع قليلة وسيظهر إن شاء الله أن بعض المخاوف كانت واهمة وبعض الادّعاءات كانت باطلة. ثم ليس لي إلا ان أقول من أجلي ومن أجل كل الزملاء في اللجنة «اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه».الدستور

التعليقات مغلقة.