صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الرافضون للقاح وخيارات الحكومة

تلميح الحكومة إلى وقف العمل بمجانية الفحوصات عن فيروس كورونا، أثار جدلا في الفضاء العام، خصوصا مع تأكيد وزير الإعلام صخر دودين أن تكلفة الفحص أعلى من تكلفة اللقاح، وأن الحكومة “لا يُمكنها دفع ثمن الفحص لفترات طويلة”.
لكن قبل ذلك، علينا أن نتساءل: هل يحق للحكومة أن تلجأ إلى هذا الخيار، وأن تلوح بوقف مجانية الفحص؟ بالتأكيد، فإنه في ظل أي أوضاع طبيعية، فإن إجراء كهذا سيكون غير مقبول بأي شكل من الأشكال، وربما يشير إلى تخلي الحكومة عن مسؤولياتها تجاه المواطنين في ظل جائحة تأبى أن تتوقف. لكن وفي ظل رفض الناس تلقي اللقاح، وعدم إحراز التقدم المطلوب في هذا الإطار مع اقتراب عودة الحياة إلى طبيعتها كليا مع بداية العام الدراسي المقبل، فإن الحكومة تجد نفسها مضطرة للجوء إلى هذا الإجراء كخيار، ربما يكون وحيدا، من أجل تنبيه الناس إلى الخطورة الكبيرة لعدم الوصول إلى المناعة المجتمعية، وأيضا، إلى التكلفة العالية التي تتكبدها الدولة في هذا المجال.
وقبل أن نقرر ما إذا كان يحق ذلك للحكومة أم لا، علينا أن نلاحظ أن نسبة الفحوصات الإيجابية خلال الأيام الماضية كانت تدور في فلك 5 %، وهي النسبة الأعلى منذ أشهر، يرافقها تقدم بطيء في أعداد الحاصلين على اللقاح، في حين أن هناك أكثر من 300 ألف مسجل للحصول المطعوم استنكفوا، في الوقت الذي ما تزال نظرية المؤامرة، وحكايات الجان والعفاريت يتم تأليفها حول المطاعيم و”الأسباب الخفية” التي أقرت من أجلها، في نظرة مستهجنة تتنافى مع جميع ما يؤمن به العقل من علم ومعرفة.
الأخطر في الأمر، أن الناس الذين مارسوا نوعا من الانضباط والالتزام خلال أشهر طويلة، نراهم اليوم في حالة من اللاأبالية، غير مكترثين لإجراءات السلامة العامة، والتباعد في الشوارع والأسواق وأماكن العمل، ما يعني أننا من غير المرجح أن نكون مقبلين على فترة التعافي، بل الأصح أن نكون مقبلين على انفجار أعداد الإصابات من جديد.
كثيرون هاجموا أمر الدفاع رقم 32، وهو الأمر الأكثر تشددا الذي تعلنه الحكومة. أتفق معهم بأنه مبالغ به، لكن ما هي الخيارات الأخرى إذا كان الناس لا يريدون تلقي اللقاح، وإذا كانت حملة التشكيك ما تزال في أوجها رغم تلقي ملايين الأردنيين له (الجرعة الأولى 3.19 مليون، والجرعة الثانية 2.4 مليون)، وكل إجراءات الدولة في هذا الاتجاه لم تفلح في دفعهم لكي يتصرفوا بطريقة أكثر وعيا ومسؤولية تجاه أنفسهم ووطنهم.
نحن لا نسبح بحمد الحكومة، ولا نقدس قراراتها، فقد رفضنا لجوءها إلى جيب المواطن، ورفضنا قانون ضريبة الدخل، ورفع أسعار الكهرباء، والمحروقات، وكذلك أسعار المواد التموينية، وهناك تحفظات كثيرة على السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة، والتي تتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه من تردي الأوضاع المالية للدولة، والعجز المتزايد، والمديونية التي سجلت أرقاما فلكية وتاريخية، إلى جانب تردي الأوضاع المعيشية للمواطن الذي أنهكه كل ما سبق ذكره، وأتى على دخوله الشهرية. لكن، عند الحديث عن الأمن الصحي للمواطن، فمن الضروري أن يتحمل من لا يأبه بالحصول على اللقاح تكاليف فحصه الدوري للكشف عن فيروس كورونا، لأنه، وببساطة، ليس من المعقول أن نقف مكتوفي الأيدي أمام من ليس حريصا على صحة من حوله!الغد

التعليقات مغلقة.