صحيفة الكترونية اردنية شاملة

إخفاق حركات الإسلام السياسي في إدارة الدول

على ضوء نتائج الإنتخابات البرلمانية المغربية أمس والهزيمة القاسية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي ، بات من الأهمية تحليل ذلك للوقوف على الأسباب. فبعد أحداث الربيع العربي عام 2011 ، إستغلت أحزاب وحركات الإسلام السياسي ( الإخوان المسلمين ) هذه الظروف وسخط الناس ضد الفساد والإستبداد والفقر ، وطرحت نفسها بديلا للأنظمة القائمة ، وشاركت في اللعبة السياسية وعملية التحول الديمقراطي وطرحت شعارات شعبية لحل مشاكل الناس الإقتصادية والإجتماعية وتحقيق العدالة والمساواة وكرامة الناس ومكافحة الفساد والإستبداد .

وقد لاقت هذه الشعارات قبولا من المواطنين الساخطين على أنظمة الحكم الفاسدة والمستبدة ،وتم التصويت في الإنتخابات لصالح هذه الحركات في كل من تونس ومصر والمغرب ، وفازت في مصر في الإنتخابات الرئاسية وفي تونس والمغرب فازت بأغلبية برلمانية ومارست الحكم من خلال حكومات إئتلافية مع أحزاب أخرى .

وبعد ممارسة السلطة والحكم واجهت هذه الحركات مشاكل كثيرة ،وإنتهت تجربتها بإنقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي وعزله . وبإنقلاب دستوري من قبل الرئيس التونسي على العملية الديمقراطية وتجميد الحياة السياسية والبرلمانية بعد عشر سنوات من مشاركة حركة النهضة الإسلامية في الحكم . وبهزيمة قاسية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي بالإنتخابات البرلمانية التي جرت بتاريخ 8/9/2021 ، بعد عشرة أعوام قضاها في رئاسة الحكومة، إذ تراجعت مقاعد حزب العدالة من 125 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته إلى 12 مقعداً فقط في البرلمان المقبل.

وهنا لا بد الوقوف وتحليل نتائج مشاركة حركات الإسلام السياسي بالحكم لمعرفة عوامل الإخفاق وهي :

1. الشعارات الإيدولوجية الفضفاضة تصطدم بواقع إدارة الدول المعقدة والتي تحتاج الى البرغماتية والواقعية للتعامل مع المشكلات . وبالتالي هناك حاجة لتقوم هذه الحركات بالنقد الذاتي لتجربتها وإعادة هيلكة برامجها لتنسجم مع الواقع .

2. الحركات الإسلامية لم تكن مؤهلة وجاهزة لتولي الحكم والدخول في اللعبة السياسية ومناوراتها ، فمعظم من تولوا الحكم من هذه الحراكات قد جاءوا من السجون الى الحكم بدون خبرة بيروقراطية .

3. إخفاق الحركات الإسلامية في معالجة المشكلات الإقتصادية والإجتماعية والصحية ، مما أدى الى فقدان الثقة الشعبية بأداء هذه الحركات .

4. عقلية الإقصاء ومحاولة الإستئثار بكل السلطات من قبل هذه الحركات ، والدخول في صراع غير متكافئ مع مؤسسات الدولة العميقة (الأجهزة العسكرية والأمنية ) والتيارات الليبرالية والعلمانية.

5. قوة مؤسسات الدولة العميقة (الأجهزة العسكرية والأمنية ) وتنظيمها وتماسكها وإمتلاكها للقوة ، بالإضافة الى عقيدتها السياسية ضد الإسلام السياسي ، لعبت دورا في إفشال تجربة الإسلاميين في الحكم والإدارة .

6. قوة الإعلام والمؤسسات الإعلامية التابعة للدولة العميقة ، والتي ركزت على إظهار وتضخيم فشل الحركات الإسلامية في معالجة المشكلات .

7 . وجود توجه عام إقليمي ودولي رافض لتولي الإسلام السياسي الحكم في الدول العربية .

8. تلاعب الدولة العميقة بالإنتخابات من خلال : التزوير والمال الاسود لتحجيم عدد المقاعد التي تحصل عليها هذه الحركات .

وفي الختام الحركات الإسلامية في الدول العربية مكون أساسي من المجتمع والقوى السياسية ، يجب إستيعابها في العملية السياسية للحيلولة دون الوصول الى أحداث عنف وحروب أهلية وعدم إستقرار سياسي . وفي المقابل مطلوب من هذه الحركات الإسلامية عدم المبالغة بحجمها وقدراتها في الإدارة والحكم ، وأن تتخلى عن أهدافها لمحاولة الإستئثار بالسلطة والقبول بالمشاركة السياسية مع القوى الاخرى ، وأن تقوم بمراجعة ذاتية لبرامجها وشعارتها لتتوائم مع واقع دولها والكف عن التلاعب بالشعارات الإسلامية التى تلقى تعاطفا شعبيا ، لأن الشعوب بالنهاية بحاجة للخبز وتحسين مستوى معيشتها وليس شعارات فضفاضة .

التعليقات مغلقة.