صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المركزي بين فريز وشركس

البنك المركزي سيكون أمام شكل جديد من المخاطر المصرفية والمتعلق بالتغير المناخي، حيث سيكون البنك أمام شكل جديد من التمويل من خلال اعتماد استراتيجية للتمويل الاخضر بالتعاون مع البنوك بعد الحاجة المتزايدة التي ظهرت الى ضرورة مواجهة مخاطر تغيرات المناخ والتحديات التمويليّة.

قلنا سابقا وبكل صراحة ان الجهة الرسميّة الوحيدة التي لعبت دوراً اقتصاديّاً داعما للاستقرار الاقتصادي، ووقفت في وجه كل الفهلوات الحكوميّة خاصة منذ عام 2012 هي البنك المركزي الذي قاد المشهد النقدي باقتدار عالي المستوى.
وأستطيع ان أجزم انه لولا العمل الاقتصاديّ المؤسسي الذي قام به المركزيّ في إدارة المشهد الاقتصاديّ خاصة في المبادرات التي أطلقها لامتصاص تداعيات كورونا التمويليّة والحفاظ على استدامة عمل العديد من القطاعات الإنتاجية، ناهيك عن اتباع سياسة نقدية حصيفة ساهمت بتحقيق نتائج إيجابية للغاية صبت مجملها في الحفاظ على سعر صرف ثابت وقوي مدعوما باحتياطات من العملات الصعبة ناهز الـ17 مليار دولار، وحجم تسهيلات أكثر من 29 مليار دينار.
هذه النتائج الإيجابية التي أشادت بها المؤسسات الدولية كانت بفضل فريق البنك المركزي وعلى رأسه المحافظ المخضرم الدكتور زياد فريز الذي يسلم الراية اليوم إلى خلفه الدكتور عادل شركس لتستمر مسيرة الإنجاز النقدي والاستقرار الاقتصاديّ.
فريز شخصية اقتصادية صلبة لم تهادن أحدا في مرتكزات الاستقرار الاقتصاديّ، ودائما ما كان يواجه تغولا من مختلف الجهات سواء أكانت خاصة او عامة بإجراءات رشيدة صارمة ثبت في النهاية صحتها، ووقف في وجه لوبيات عديدة حاولت التسلل إلى القرار الاقتصاديّ، فكان حائطا منيعا أمامهم، وقريبا من الفهم الحقيقي للمجتمع الاردني وتفاصيل المشهد الاقتصاديّ، فقد اعطى بصدق وله الفضل فيما آلت إليه أحوال الجهاز المصرفي والسياسة النقدية.
المحافظ الجديد للبنك المركزي الدكتور عادل شركس ابن المؤسسة، وعاش كل تفاصيل مراحلها المهمة وكان قريباً من عمليات صنع القرارات ومشاركاً رئيساً فيها خاصة في السنوات الأخيرة التي لعب فيها نائبا للمحافظ، ومرت عليه تجارب وتحديات أهلته لأن يستلم دفة القيادة من أستاذه فريز بكل اقتدار.
تعيين شركس فيه رسائل مهمة خاصة في استمرارية العمل المؤسسي للحفاظ على الاستقرار النقدي الذي تحقق في السنوات الماضية والذي استلمه على هذا النحو الإيجابي الكبير، والبناء عليه والتعظيم على ما تم إنجازه في مواصلة المركزي العمل على تحقيق وتعزيز أهدافه المتمثلة أساسا في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي بما يساهم في تحقيق التنميّة الاقتصاديّة.
لكن تداعيات كورونا فرضت واقعاً وتحدياً اقتصاديّاً جديداً، كان للمركزي الدور الريادي والسبّاق في مواجهة هذه التداعيات من خلال اطلاقه لنوافذ تمويليّة جديدة بأسعار فائدة مخفضة استفادت منها آلاف المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تلبية احتياجتها التمويليّة الخاصة بشراء مدخلات الإنتاج ودفع الاجور، وهنا سيكون أمام المحافظ الجديد الدكتور شركس دور مهم في تعزيز هذه المبادرات وتوفير نوافذ جديدة لتسهيل حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التمويل الميسر.
البنك المركزي سيكون أمام شكل جديد من المخاطر المصرفية والمتعلق بالتغير المناخي، حيث سيكون البنك أمام شكل جديد من التمويل من خلال اعتماد استراتيجية للتمويل الاخضر بالتعاون مع البنوك بعد الحاجة المتزايدة التي ظهرت الى ضرورة مواجهة مخاطر تغيرات المناخ والتحديات التمويليّة.
صحيح ان الجهاز المصرفي هو الأكثر تطورا من ناحية مواكبة التطورات التكنولوجية العصرية، لكن في المرحلة المقبلة سيكون أمام البنك المركزي دور وزيادة في تعزيز التوجه لتنظيم البنوك الرقميّة المتكاملة في المملكة، لمواكبة تطورات التكنولوجيا الجديدة المتسارعة، وبما يساهم في التحوّل الإيجابي المرن نحو الاقتصاد الرقمي.
مرحلة جديدة للبنك المركزي بمحافظ جديد قديم في آن واحد، ركائزها الاستمرار بالحفاظ على الاستقرار النقدي والتدخل التنموي الإيجابي باتجاه القطاعات الاقتصاديّة، مصحوبا بانتقال سلس نحو مرحلة تكنولوجية عصرية تدعم التطوّر الاقتصاديّ، وهذه تحديات كلها تدور حول سياسة المحافظ الجديد مع فرص العمل لديه والتعرف عليها بالكفاءة والمهنية العالية.

التعليقات مغلقة.