صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“صندوق الضمان” .. بعد تنموي جديد

التوجهات الاستثماريّة الجديدة لصندوق الضمان هي محصلة التفكير الرشيد لإدارة الصندوق وكادره المبني على قناعة متينة بأن استثمار أموال الصندوق يجب ان يكون أكثر تدخلا في الشأن التنمويّ

أهم شيء أعلنته رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي خلود السقاف في مؤتمرها الصحفي الأخير هو البعد التشاركي والاستثماري الجديد الذي بدأ الصندوق ينخرط فيه ضمن المشهد الاقتصاديّ المحلي، لينتقل لمرحلة تنمويّة جديدة غير تقليدية في العمل الاستثماريّ.
فالصندوق الاستثماري الأكبر في المملكة دائما ما توجّه له الاتهامات بأنه متحيز لعمليات الإقراض الحكوميّ من خلال المشاركة في سندات البنك المركزي، وان الاقتراض وصل بمراحل عالية اقتربت من نصف موجوداته، رغم ان إقراض الخزينة أمر مجد اقتصاديّاً وماليّاً للصندوق بعكس ما يعتقد به الغالبية، فمحفظة السندات التي تبلغ نسبتها 57 % من موجودات الصندوق البالغة 12.3 مليار دينار، حققت أعلى نموّ في عائدها بنسبة نمو 6 %، وبقيمة نموّ في العائد بلغ 411 مليون دينار.
الجديد في اتجاهات الاستثمار لصندوق الضمان هو التدخل الإيجابي مع مشاريع الدولة الكبرى في مختلف القطاعات، وهذا امر بات واضحا من خلال تغيير أنماط الاستثمار والانتقال إلى مرحلة المشاركة التنمويّة وطلب البعد الاقتصاديّ المبني على دراسات جدوى خاصة تجريها كوادر الصندوق.
فالصندوق التقط باكراً التوجيهات الاستثماريّة المحفزة في قطاع الزراعة وبدأ بالانخراط مباشرة بالعمل على إقامة أول مشروع زراعي في منطقة المدورة بالتعاون مع خبرات مختصة في هذا المجال، ليؤسس لباكورة محفظة استثماريّة زراعية على غرار المحافظ الأخرى لديه في السندات والعقار والسياحة والأسهم.
التطوّر النوعي الآخر هو الانخراط في المشاركة الاستثماريّة في مشاريع البنية التحية التي ستقام في المرحلة المقبلة بالشراكة مع البنوك الأردنيّة، والتي تؤسس هي الاخرى شكلا آخر من الشراكات الاستثماريّة بين جهازين ماليين استراتيجيين في المملكة، يملكان المال والخبرات معاً، ويضعها في شكل جديد من التعاون الاقتصاديّ الذي سيصب مباشرة في الاسراع بمشاريع مهمة للدولة، وتخدم القطاع الخاص لتنمية اعماله واستثماراته، مدعوما أيضا بصندوق خاص للمشاركة في المشاريع الكبرى التي تنوي الحكومة من خلال وزارة الاستثمار طرحها في القريب العاجل والتي لها أهمية خاصة على صعيد الاستقرار الاقتصاديّ وتحفيز الأنشطة الإنتاجية المختلفة، وتؤسس لوضع هوية جديدة لمرحلة اقتصاديّة مقبلة معززة بانخراط استثماري قوي للصندوق في مختلف الأنشطة الاستثماريّة للدولة في المرحلة المقبلة.
وهنا لا يقصد المشاريع الكبرى التي يخطط لتفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص، فالأمر يتجاوز هذا المفهوم من خلال الانتقال للمشاركة الفعلية في المشاريع الاستراتيجيّة للدولة والتي لها صفة الديمومة الاستثماريّة مثل الناقل الوطني الذي يعتبر أهم مشروع استراتيجي تنوي الدولة إقامته في المرحلة القريبة المقبلة والذي قد تتجاوز كلفته الإجمالية الـ2.6 مليار دولار، مما سيكون لمشاركة الضمان التأسيسية في المشروع جنبا الى جنب الحكومة ومساهمين آخرين الأثر الإيجابي البالغ نحو تسريع مراحل الإنجاز بأقل كلف تمويليّة مقابل عائد استثماري مجد للجميع وبأقل المخاطر.
التوجهات الاستثماريّة الجديدة لصندوق الضمان هي محصلة التفكير الرشيد لإدارة الصندوق وكادره المبني على قناعة متينة بأن استثمار أموال الصندوق يجب ان يكون أكثر تدخلا في الشأن التنمويّ، وإيمانا منه بالفرص الواعدة التي يجب ان يكون للصندوق استمرارية طولى فيها، نتيجة لقرار استثماري مستقل مبني على أسس علمية وعملية ودراسات جدوى عميقة تمكن صاحب الولاية في اتخاذ القرار الاستثماريّ في الصندوق من تحديد اتجاهات الاستثمار بناء على معطيات اقتصادية بعيدة كل البعد عن التدخلات، وهذا ما كشفته نتائج أعمال الصندوق لعام 2021، والتي يستحق للصندوق ان يتفاخر بها في ظل أصعب الظروف التي شهدها الاقتصاد الأردنيّ.

التعليقات مغلقة.