يوميات مدير مدرسة (حلقة 25)
في أحد الأيام، قررت إدارة المدارس تعيين حارس لبوابه المدرسة ليساعد (أبو صابر) الذي أوكلت إليه العديد من المهام الأخرى فأصبح من الضروري تعيين أحد ليقوم بهذه الأعباء وترك (أبو صابر) الذي اعتاد الناس عليه في موقعه وبالفعل وبعد عدة مقابلات تم تعيين شاب اسمه (أنس) وكان أنس مفتول العضلات ترتسم على وجهه ابتسامه جميله وباردة، ولكنه بطيء الفهم، ولكن السبب الذي شجع الإدارة على تعيينه أنه الوحيد الذي استفسر عن مهامه وعن الطريقة المحببة للإدارة بتنفذيها وكانت الإجابة في وقتها أننا نحب الجديه في العمل فلم يستوعب فأخبرناه أننا كالحكومه صارمين بتنفيذ القوانين فأجاب يعني اشتغل مثل الحكومه فقلنا نعم وبدأ أنس بالعمل بهدوء كنت اراه كل يوم فيبتسم ويقول “منور معلم”، أبادله الابتسام وأسأله عن أحواله ليجيب: “اللي من الله يا محلاه”، وأكمل طريقي.
وبعد مرور عدة أيام طلب أبوصابر مقابلتي،
– يا دكتورنا العظيم عندي مشكله كبيرة وعويصة!!
– تفضل، شوفي مين مزعلك!!
– هذا الكذاب اللي اسمه (أنس) يا دكتور هذا كذاب كذاب كذاب!!
– ول، ول، ول ليش كذاب شو عمل؟ّ
– يا دكتور المشكله هون شو عمل!! هو ما بيعمل إشي، بس شاطر يحكيلك على راسي، وعلى عيني وأنت بتؤمر وأنت معلمي وما بيعمل اشي، بس بيضحك علينا بالحكي!
– يعني إنت عمرك كلفته بمهمة وما عملها!!
– يا دكتور مش مهمه مهمات ومهمات ولكنه كذاب كذاب ما بيعمل ولا اشي بس بيحكيلك انت على راسي انت أؤمر إنت….
– خلص، خلص، ابعثلي إياه!!
وبعد دقائق يدخل (أنس) إلى مكتبي!!
– كيفك يا أنس
– الحمد لله بألف خير يا دكتور طول ما انت بخير أنا وعيلتي وسكان الأردن والبشرية جمعاء بخير…
– ول الأردن كلها والبشرية جمعاء،،، ماشي يا سيدي سعد جابر.
– أنس ليش ما بترد على أبو صابر
– أنا ريتك تعدمني إذا عمري حكيتله لأ!!
– صح أنت ما بتحكيله لا؟ بس أنت ما بتعمل اللي بيحكلك عليه!!
– لا، ما ترد عليه كلامه مش مزبوط.
– طيب يا أنس بدي منك ما تزعل أبو صابر وترد عليه وتعمل اللي بيحكلك إياه ابوصابر زلمه غلبان ومحترم
– على راسي يا معلم
– توكل على الله وروح طيب خاطره
وفعلاً غادر انس مكتبي وأنا أظن بأن أبي صابر متحامل على أنس.
سوزان أين البريد وبدأ نهاري المعتاد في العمل ومن ضمن الأعمال هو إعداد حديقة صغيرة بجانب المدرسة فطلبت معلمه التربية المهنية لترافقني إلى المكان الذي قمنا باختياره لإعداد هذه الحديقة وبالفعل هذا ما كان وذهبنا الى موقع الحديقة فركض أنس نحوي وقال بشو بتؤمرني معلم…
– حبيبي يا أنس ولا إشي
– والله يا معلم أني بحبك
– شكراً يا أنس
– وهنا تتدخل مس سوسن : دكتور لو سمحت نحن بحاجة لمزارع لنكش الأرض وترتيب بعض الأمور ومساعدة الطلبة وتدريبهم على الأعمال الزراعية.
– وهنا يرد أنس: ليش مزارع أنا موجود وبعمل اللي بدك إياه يا مس
– انت بتفهم في الزراعة يا أنس!!
– أنا مزارع كابر عن كابر، أبوي مزارع وسيدي مزارع وسيدي من جهة امي مزارع وسيدي ابوي مزارع و…
– خلص يا انس…. طيب تمام، خلص مس سوسن تعاوني مع أنس وعدت إلى مكتبي
وبعد عدة أيام
– دكتور : مس سوسن بدها ياك ضروري
– مين مس سوسن
– مس سوسن معلمه التربية المهنية
– آه خليها تدخل
– دكتور أنس جنني
– ليش!!
– ما بعمل ولا اشي، دكتور طلبت منه يحفر الأرض حكالي على راسي يا مس إنت بتؤمريني أمر والله لو بدك اظل أحفر لحتى أطلع مي من الأرض الإ أحفر
– طيب ما شاء الله عنه شو بدك أحسن من هيك
– المشكله انه ما حفر ولا عمل ولا اشي
– طب أعطيه فرصة بلكي عنده ظروف او مريض أو تعبان
– لأ يا دكتور ما ماله إشي بس هو ما بيعمل ولا إشي
– وبعدها طلبت منه يحرك الأشجار من مكان لمكان ثاني وطبعاً حكالي على راسي يا مس وانت بتؤمري ولو بدك بنقلك ياهم للصين.
– طيب
– وطبعاً ما عمل اشي!! وبعديها طلبت منه يساعد الطلبة بحفر وزرع الأشجار وطبعاً على راسي يا مس ولو بدك بزرعلك كل الصحراء أشجار
– طيب
– طيب شو وهو أصلاً ما أجا بالمرة يومها وتغيب عن العمل.
– خلص، خلص أنا هلا بشوفه
وتغادر مس سوسن وهي تتمتم والله على راسي… أنت بتؤمر…
– سوزان… ابعتيلي لأنس بدي اشوفه حالاً…
– حاضر دكتور…
وقبل حضور أنس تدخل رهف مسؤولة قسم الاستقبال..
– دكتور لو سمحت عندي ملاحظة مهمة
– تفضلي
– ممكن تشغل الكاميرا اللي على الباب الرئيسي
– نعم
وذهبت للكاميرا حسب طلب رهف
– شو مالها
– انتبه….
– شو في
– ركز يا دكتور
– مركز شو في
– أنس ما بياخد حراره أي زائر ولا بسأله عن المطاعيم ولا عن التطبيق
– فركزت بالكاميرا… فعلاً أنس جالس على مقعد وبوزع ابتسامات للرايح والجاي
وما أن ادرت بوجهي لأعود لمتابعة عملي وإذ بأنس يفتح الباب دون سابق انذار…
– اه معلم أؤمرني معلم.. انا لما عرفت انه بدك اياني جيتك والله انت على راسي معلم بس أشر بأصبعك وما عليك…
– انس بلاش هاي العبارات الكذابه
– انا معلم الله يسامحك
– اول اشي انت ليش بتضلك تغير مكانك الك كم يوم بس بشوفك الصبح بعدين بتختفي وين بتروح؟!
– والله يا معلم الشغل كله فوق راسي من الصبح لحتى أروح الكل بدو انس عشان تعرف معلم انه ما غلطت لما شغلتني عندكم مع انه هاد كله مش شغلي…
– بس انا اللي بوصلني عكس هالحكي كله، انت ليش ما بتعمل اللي بينطلب منك انت بس شاطر على راسي يا معلم وانت بتؤمر يا معلم وما بتعمل أي اشي !! ليش؟!
– شوف يا دكتور، أنا والله بحبك وبحب كل من يحبك
– يا زلمه اخلص وبلاش حكي فاضي
– له يا دكتور، بشو أنا قصرت
– يا أنس احنا شو اتفقنا من لما قابلناك
– اتقفنا انه اعمل متل الحكومه
– اها يعني بكل جديه وحزم
– اه شو… لا انا ما اتفقت هيك أنا اتفقت انه اعمل متل الحكومه الأردنية
– كيف يعني
– يعني عمرك يا دكتور طلبتوا اشي من الحكومه الأردنية وحكتلكم لا ؟!
– سرحت بتفكيري وقلت : لا
– طيب الحكومه عمرها عملت اشي من اللي حكتلكم عليه آه
– سرحت مرة أخرى: لأ
– طيب شايف كيف أنا معك ماشي على الاتفاق!! ما بحكي لأي اشي لأ حتى لو ما كان من ضمن شغلي حتى
– طيب ليش ما بتاخد الحراره للمراجعين وما بتطبق البروتوكول.
– دكتور، مين اللي حط البروتوكول
– الحكومه
– طيب هي الحكومه بتطبق البروتوكول
– طبعاً
– كيف طبعاً والحفلات والمطربين رايحين جايين والله يا دكتور انت مسكين.
– يعني إنت بتطنش عن سبق إصرار وترصد
– انا متل الحكومه يا دكتور مثل حضرتك ما أمرت
– بس أنا مش مضطر اتحملك يا أنس متل ما أنا متحمل الحكومه، الحكومه مفروضة علي فرض أما إنت أنا وظفتك بإختياري مشان هيك راجع الست نور وخليها تخلص معك.
– طيب يا دكتور اعطيني فرصة لو سمحت ويركض نحوي مرتجفاً
– انس انت على راسي بس راجع نور
– طيب مشان الله يا دكتور عندي قطاطيم لحم
– انت بؤمرني أمر بس راجع نور
– طيب وبالنسبه لشغلي الزيادة
– له يا انس انت بؤبؤ عيني وشرياني الاورطي وبنات دني وروحي وبتؤمر أمر بس راجع نور…
وبعدها أخبرت نور أن تخصم راتبه ما تسبب به من أضرار وأن لا تنهي عمله وسرحت بكلام أنس وأنا أقول في نفسي فعلاً أنت بتشبه الحكومه يا أنس.
التعليقات مغلقة.