صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الاستحواذ المصرفي

قطاع البنوك في الأردن داعم رئيسي وحقيقي للاقتصاد، وهو فعلا شريان الاقتصاد الأردني في مساهماته المختلفة، وهو نقطة جذب استثمار حقيقي للأردن.

باستثناء بنك البتراء الشهير الذي تم تصفيته خلال عملية زمنية طويلة امتدت لما يقارب الثلاثة عقود، لم يسجل في تاريخ الجهاز المصرفي الأردني أن خرج بنك من الخدمة في المملكة لسبب اقتصادي أو مالي.
على العكس تماما، كانت عمليات الاندماج والاستحواذ هي السائدة في القطاع البنكي، وقد نُفذت عمليات استحواذ كان لها الأثر البالغ في زيادة القاعدة الاقتصادية والمالية للبنوك، فسياسات الدمج هي مؤشر صحي على سلامة وحيوية القطاع المصرفي، وهي محل اهتمام وتشجيع من كافة البنوك المركزية في العالم.
في الأردن كانت حالات متعددة لأولويات الدمج الناجحة في عقد التسعينيات، واستمرت أيضا عمليات استحواذ بنوك محلية على بنوك أخرى سواء أكانت أردنية أم أجنبية تسير على قدم وساق، تهدف أولا وأخيرا إلى تحقيق توسع إستراتيجي للبنوك التي طالت عددا مهما من البنوك العاملة في الأردن.
عمليات الدمج والاستحواذ المصرفي مؤشر إيجابي على حيوية وفاعلية الجهاز المصرفي، فالأردن قبل عمليات الدمج الأخيرة فيه 24 بنكا، وهو عدد يضاهي ويزيد عما يوجد في اقتصادات بلدان كبيرة حتى في دول أوروبا.
عمليات الدمج هي لصالح الاقتصاد الأردني، فالقطاع المصرفي أكثر القطاعات حيوية وتطوراً والأسرع في مواكبة التطورات ومواجهة التحديات المستقبلية، ويعي جيدا أن القادم من الأيام يتطلب تنويع خدماته المصرفية لكافة العملاء، وتوسيع الحصة السوقية من خلال تطوير كياناتهم المصرفية لتكون أكبر وأكثر على التنافسية وتعزيز قدراتها المالية، والاندماج عامل أساسي في تحقيق هذه الأهداف.
الاتجاهات الدولية للمصارف بعد الأزمة العالمية عام 2008 كانت باتجاه إعادة تبويب مراكز عمل البنوك في كافة أماكن تواجدها، والعودة التدريجية إلى اسواقها الرئيسية، فالمنافسة بين البنوك الأجنبية مع البنوك المحلية كانت ضعيفة لأسباب مختلفة أهمها طبيعة تلك الأسواق والقواعد والتعليمات التي تضبط إيقاع الأجهزة المصرفية، وفي الأردن مثال حي على هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة، فنسبة البنوك الأجنبية في السوق الأردني كانت متواضعة بالنسبة للأهداف التي كانت تسعى لتحقيقها، فغالبيتها لم يحقق اختراقا نوعيا في التعاملات المصرفية، وبقيت معاملاته ضمن الحد الأدنى المطلوب، ناهيك من أن بعض البنوك الأجنبية سعت خلال الفترات الناشئة لتعزيز سيولتها المالية وزيادة قاعدة رأسمالها كمتطلبات رئيسة من أماكن وجودها الأساسي.
القطاع المصرفي الأردني يملك قاعدة استثمارية واسعة، وله ميزة تنافسية عالية بدليل أن أكثر من 60 % من ملكية اسهمه تعود لغير أردنيين، ناهيك من متانة مركزه المالي، فنسبة السيولة لديه أكثر من 136.2 %، وهي تفوق الحد الأدنى المطلوب 100 %، والديون غير العاملة لديه لا تتجاوز الـ5.3 %، ونسبة التغطية تصل إلى 75 %، وهي نسبة مرتفعة وآمنة على الإطلاق، الاستثمار في القطاع المصرفي من أكثر الاستثمارات المجدية في الأردن، وتجاوز العائد على حقوق المساهمين
9.5 %.
عمليات الدمج الأخيرة التي قامت بها بنوك اردنية محلية لعدد من البنوك الأجنبية يعكس متانة وقوة الجهاز المصرفي، ويزيد من فرص تعزيز قاعدة رأسمالها، مما يمكنها في المساهمة بشكل أكبر في العملية التنمويّة وتمويل المشاريع الكبرى بشكل أفضل، مما سينعكس إيجابيا في الاقتصاد الوطنيّ.
قطاع البنوك في الأردن داعم رئيسي وحقيقي للاقتصاد، وهو فعلا شريان الاقتصاد الأردني في مساهماته المختلفة، وهو نقطة جذب استثمار حقيقي للأردن.

التعليقات مغلقة.