صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أسعار الفائدة.. كيف تتحدد؟

مهما كانت اتجاهات الرفع خلال العام الحالي، فهي لن تكون ابدأ بالمستويات والأعداد التي كانت عليها عند رفع اسعار الفائدة خلال السنوات 2004-2006 او خلال الفترة 2016-2018 والتي بلغ عددها 18 و8 مرة على التوالي، او مانسبته بالرفع 5 % و2.25 % على التوالي.

أسباب عديدة تدفع البنك المركزي إلى اللحاق بقرارات بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي بالنسبة لأسعار الفائدة، وهي في مجملها أسباب اقتصادية بحتة، تتخذ وفق معادلة شاملة لها ارتباط وثيق باستقرار السياسة النقدية.
فنظام سعر الصرف الثابت مع الدولار وفر الحماية اللازمة للسياسة النقدية في الأردن وثبات سعر صرف الدينار وعدم تأثره بالمتغيرات التي تطرأ على سعر صرف الدولار والعملات الأخرى، وهذه السياسة أثبتت فعليا أنها الأفضل بالنسبة للاقتصاد الأردني إضافة إلى تعزيز مكانة الدينار الأردنيّ كوعاء ادخاري في الجهاز المصرفي وتعزيز العائد الماليّ عليه من خلال عمليات الادخار.
سياسة الدينار بالدولار تتطلب سرعة تجاوب البنك المركزي مع اتجاهات الفائدة التي يتخذها الاحتياطي الفدرالي الأميركي والذي يواجه اليوم اعلى معدلات تضخم واجهها الاقتصاد الأميركي منذ 40 عاما والتي وصلت إلى
7.5 % على أساس سنوي في العام 2022، فأسعار النفط تجاوزت للمرة الأولى منذ العام 2011 حاجز الـ120 دولارا للبرميل، ناهيك عن الارتفاعات غير المسؤولة لمعظم أسعار السلع والخدمات في الاسواق العالميّة، مصحوبا بحالة “جنون” سعري لأسعار الشحن وسلاسل التوريد.
التوقعات تشير إلى أن حالة ارتفاع الاسعار ستستمر لفترات طويلة، عززتها حالة الحرب الأوكرانية التي ولدت صعودا كبيرا على الطلب العالمي لسلع رئيسية واستراتيجية كالنفط والحبوب، لذلك سيكون قرار البنك الفدرالي الاميركي حتماً بزيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
هنا يتوجب على المركزي إلحاق قرار الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة، فالمملكة ليست بمعزل عما يدور في الأسواق العالمية، فالحالة التضخمية باتت تسقط على المشهد الداخلي، فالأردن يستورد أكثر من
90 % من احتياجاته السلعية من الخارج، ففاتورة النفط سترتفع في العام الحالي بشكل كبير بنسبة لن تقل عن 30 % مقارنة عما كان عليه في العام الماضي.
لجوء المركزي لرفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية في هذه الحالة هو امر ضروري وحتمي اقتصاديا للمحافظة على تعزيز الاستقرار النقدي متمثلا بالحفاظ على دينار قوي، واستقرار نسبي لمستويات الأسعار، ودعم جاذبية الدينار مقابل العملات من خلال المحافظة على هيكل أسعار فائدة محلي ضمن مستويات تنسجم مع أسعارها عالميا وإقليميا، وتعزيز مبدأ التحوط لأي تطورات تضخمية في الأسواق مستقبلا، خاصة وان جميع التوقعات تشير الى ارتفاعه في الشهر الاول من العام الحالي لـ2.5 %.
رفع الفائدة في المرحلة المقبلة ضرورة اقتصاديّة للمحافظة على استقرار الأسواق وثقة المستثمرين وقطاع الاعمال من خلال تقديم المركزي رسالة واضحة للأسواق بالتزام البنك المركزي بالحفاظ على سياسة ربط الدينار بالدولار.
التضخم ليس هو السبب الرئيسي الذي يدفع باتجاه رفع أسعار الفائدة من قبل المركزي الأردنيّ، فالأخير ايضا يأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى أهمها: مدى استجابة دول الجوار لقرار الفيدرالي الأميركي حول اسعار الفائدة، خاصة الدول الخليجية التي ترتبط عملاتها بسعر صرف ثابت مع الدولار الأميركي، للمحافظة على جاذبية الدينار والبيئة الاستثماريّة، فضلا عن المحافظة حجم حوالات العاملين في الخارج.
طبعا رفع اسعار الفائدة ستكون له تداعيات سلبية على كلف الاقراض، مما سيؤدي إلى زيادة كلف التمويل على القطاعات الاقتصاديّة المختلفة، وهنا يأتي دور البنك المركزي في اطلاق المبادرات النقدية التي تسهل عمليات الاقراض بكلف أقل ضمن مبادرات تساهم جليا في تحفيز الاقتصاد واستقراره، وسيكون لهذه الزاوية نصيب في تناول هذه المبادرات قريبا وتسليط الضوء عليها.
قرار تحديد اسعار الفائدة لا يرتبط بتوجهات الشارع او اي قوى شعبوية، بل هو قرار اقتصادي فني هدفه حماية وتعزيز استقرار السياسة النقدية التي اثبت البنك المركزي الأردني خلال السنوات الماضية انه صمام امان لها، وان رؤيته الاستراتيجية كانت على الدوام هي الصواب.
أخيرا، مهما كانت اتجاهات الرفع خلال العام الحالي، فهي لن تكون ابدأ بالمستويات والأعداد التي كانت عليها عند رفع اسعار الفائدة خلال السنوات 2004-2006 او خلال الفترة 2016-2018 والتي بلغ عددها 18 و8 مرة على التوالي، او مانسبته بالرفع 5 % و2.25 % على التوالي.

التعليقات مغلقة.