صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صندوق سيادي للدولة

هذا الشكل من الإدارة الاستثماريّة يحتاج إلى كفاءات اقتصادية من نوع خاص، تتجاوز مرجعيات وهياكل ديوان الخدمة المدنية، فلا بد من الاستعانة ببيوت الخبرة واصحاب الاختصاص، وإلا عدنا الى المربع الأول في الفشل الإداري.

تمتلك الحكومة أسهما في 36 شركة بقيمة استثماريّة تبلغ 2.6 مليار دينار، منها 9 شركات ملكية كاملة، و6 شركات ملكيتها تتجاوز الـ50 بالمائة من رأسمالها، و21 شركة مساهمات الحكومة فيها أقل من 50 بالمائة من رأسمالها.
تتنوع الاستثمارات الحكوميّة ما بين أكثر من قطاع أهمها (الطاقة والمعادن والنقل والبنية التحتية والاستثمارات الغذائية والسياحة والعقارات).
المساهمات الحكوميّة السابقة والملكيات المختلفة في القطاعات المتنوعة جميعها تحت مظلة شركة إدارة الاستثمارات الحكوميّة، ولديها إضافة إلى الأسهم ملكيات مهمة تتمثل في أصول الدولة المختلفة من العقارات والأراضي المختلفة، حجم موجوداتها يناهز حاجز الـ5 مليارات دينار، وجميعها ملكية حكوميّة بحتة.
شركة الاستثمارات الحكوميّة اليوم ومنذ أشهر عديدة وتحديدا منذ التعديل الوزاري الأخير وهي بلا إدارة تنفيذية، ولا مجلس إدارة حتى للشركة منذ فترة طويلة، وهو ما يثير التساؤل حول سلوك الحكومة تجاه هذه الشركة الذي يتطلب سرعة التحرك الإيجابي معها، لكونها الصندوق الماليّ السيادي للدولة.
نعم هذه الأصول على اختلاف أشكالها الموجودة في الشركة لا يمكن ان تبقى بهذا الشكل الإداري، فهذه الأصول على اختلافها تحتاج اليوم إلى استراتيجية اقتصادية استثماريّة لا إدارة أصول، وتعزيز تلك الموجودات التي هي بمثابة مدخرات للأردنيين وأجيالهم، والنظرة الى إدارة تلك الأصول الضخمة على أصول اقتصادية استثماريّة بحتة اقرب ما تكون لفكر القطاع الخاص في إدارة أنشطته وأعماله.
نعم الحكومة ذراع استثمارية مهمة على أرض الواقع، وهي تمتلك الأدوات الماليّة لتحريك عجلة الاقتصاد الوطنيّ وتحفيز العملية الاستثماريّة للأمام، وهذا لا يكون الا من خلال إعادة تفعيل استثمارات الحكومة وأصولها المختلفة، وضخها في الأسواق لتكون شريكا أساسيا في العملية التنمويّة والاستثماريّة، وعاملا رئيسا لجذب الاستثمارات الأجنبية لها، وهذا لا يكون الا من خلال النهوض الاستثماري بشركة الاستثمارات الحكوميّة.
الشركة بحاجة إلى دعم رسمي كبير لمنحها صلاحيات واسعة للخروج من الإطار التقليدي في التعامل مع شركات الحكومة واعتبارها مؤسسة ريعية يجب تعيين وتوظيف من لا شأن له فيها كما كان حاصلا حتى وقت قريب.
المقصود هنا تحويل الشركة إلى صندوق سيادي يدار على أسس اقتصاديّة استثماريّة بحتة، يكون بمثابة اللاعب المحفز لعمليات تحريك الاقتصاد وتحفيزه، وجذب المستثمرين وتحقيق الشراكات الاقتصاديّة في مختلف المجالات التنمويّة، فلا يمكن ان تبقى الحكومة مجرد راع للاستثمار الأجنبي والمحلي وهي تقف متفرجة، هذا عصر انتهى إلى غير رجعة، فالمستثمر لن يُقدِمَ على استثمار جديد طالما بقيت أيدي الحكومة وأدواتها المختلفة مرتجفة في المشاركة الاستثماريّة على أرض الواقع، فالخطوة الاستثماريّة الأولى تبدأ من الحكومة أولاً.
استثمارات الحكومة المتبقية أمام فرصة تاريخيّة للنهوض بها وتنمية أصولها من جديد والتوسع من خلال الشركة ومن ثمة تحويلها لصندوق سيادي سيكون أمام مفترق طرق بناء على شكل العلاقة مع الحكومة وكيفية تنظيمها وعدم التدخل بشؤونها كما جرت في سنوات سابقة، فهي إما ان تكون أداة الدولة الاستثماريّة الرشيدة، وإما ان تبقي مؤسسة رعوية لأصحاب المعالي والعطوفة، وملجأ للمتقاعدين والشعبويين ومركزا للتنفيعات والرعاية الاجتماعي.
هذا الشكل من الإدارة الاستثماريّة يحتاج إلى كفاءات اقتصادية من نوع خاص، تتجاوز مرجعيات وهياكل ديوان الخدمة المدنية، فلا بد من الاستعانة ببيوت الخبرة واصحاب الاختصاص، وإلا عدنا الى المربع الأول في الفشل الإداري.

التعليقات مغلقة.