صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تفاقم الأزمة التونسية مع إصدار الرئيس مرسوما بحل البرلمان

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد في وقت متأخر من مساء الأربعاء مرسوما بحل البرلمان المعلق منذ العام الماضي وذلك بعدما تحداه بالتصويت خلال اجتماع عبر الإنترنت لصالح إلغاء المراسيم الرئاسية التي تمنح سعيد صلاحيات شبه مطلقة.

وحضر نحو 124 من إجمالي 217 عضوا في البرلمان الجلسة الافتراضية وهي الأولى لهم منذ قرار سعيد تعليق عمل المجلس الصيف الماضي وانتقاله إلى حكم الرجل الواحد فيما وصفه معارضوه بالانقلاب. ووصف سعيد اجتماع يوم الأربعاء بأنه “تآمر على أمن الدولة”، وأمر بإجراء تحقيقات بشأن النواب.

وقال سعيد بعد الجلسة في تسجيل مصور نشر على الإنترنت “تونس تعيش اليوم محاولة انقلابية فاشلة. أُعلن اليوم في هذه اللحظة التاريخية حل البرلمان حفاظا على الدولة ومؤسساتها”.

وأدت جلسة البرلمان ورد سعيد إلى تفاقم الأزمة السياسية في تونس ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان هذا سيؤدي إلى تغيير فوري في سيطرته على مقاليد السلطة.

وقال نائب رئيس البرلمان طارق الفتيتي إن 116 عضوا صوتوا ضد “الإجراءات الاستثنائية” التي لجأ إليها سعيد منذ يوليو تموز لإلغاء دستور 2014 الديمقراطي.

وقالت وزيرة العدل إنها طلبت من وكيل الدولة بمحكمة الاستئناف فتح تحقيق ضد نواب البرلمان المعلق بتهمة التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إجرامي بعد عقدهم الجلسة.

ومن شأن أي تحرك لاعتقال أعضاء البرلمان الذين شاركوا في جلسة يوم الأربعاء أن يمثل تصعيدا كبيرا في المواجهة بين سعيد وخصومه.

ويقول خصوم سعيد إنه قام بانقلاب عندما علق عمل البرلمان الصيف الماضي ونحى جانبا معظم دستور 2014 وانتقل إلى حكم البلاد عبر مراسيم.

وقالت يمينة الزغلامي، وهي عضو في البرلمان المجمد من حركة النهضة الإسلامية المعتدلة، “لسنا خائفين من الدفاع عن مؤسسة شرعية”.

وأضافت “لم يسحب الناس ثقتهم منا. الرئيس أغلق البرلمان بدبابة”.

ويقول سعيد، أستاذ القانون الدستوري السابق، إن أفعاله دستورية وضرورية لإنقاذ تونس من سنوات الشلل السياسي والركود الاقتصادي الذي تسببت فيه نخبة فاسدة تخدم مصالحها الخاصة.

ويقول إنه سيشكل لجنة لإعادة صياغة دستور سيتم طرحه للاستفتاء في يوليو تموز ثم سيجري انتخابات برلمانية في ديسمبر كانون الأول.

وينص دستور تونس لعام 2014 على أن البرلمان يجب أن يظل منعقدا خلال أي فترة استثنائية من النوع الذي أعلنه سعيد الصيف الماضي وأن حل المجلس يجب أن يؤدي إلى انتخابات جديدة.

وحث الحزب الدستوري الحر، وهو حزب معارض رئيسي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيكون الأكبر في البرلمان إذا أجريت انتخابات، سعيد على الدعوة لانتخابات مبكرة في أعقاب حل البرلمان.

وقالت عبير موسي رئيسة الحزب والمؤيدة للدكتاتور الراحل زين العابدين بن علي، إنه لا خيار آخر أمام سعيد بموجب الدستور وإن عليه الدعوة لانتخابات في غضون ثلاثة أشهر.

وحث المانحون الغربيون الرئيسيون، الذين تعتمد عليهم تونس في دعم الميزانية، سعيد على العودة إلى المسار الديمقراطي والحكم الدستوري الطبيعي.

وبدأت جلسة البرلمان متأخرة ساعة عن الموعد المحدد سلفا. وقال صحفيون من رويترز وأشخاص آخرون في تونس إن الاتصال على منصتي زوم وتيمز للاتصال المرئي والسمعي في تونس توقف مؤقتا قبل قليل من موعد الاجتماع.

وفي حديث لإذاعة موزاييك الخاصة، نفى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نزار بن ناجي تعطيل أي تطبيقات بهدف تعطيل جلسة البرلمان.

لكن النائب المستقل عياض اللومي قال للإذاعة المحلية “نتهم السلطات بتعطيل الجلسة”.

* انقسام

تعكس الثقة المتزايدة للبرلمان المعارضة الواسعة لسعيد بينما يحاول إعادة كتابة الدستور والسيطرة على القضاء وفرض قيود جديدة على المجتمع المدني.

وحزب النهضة، أكبر حزب في البرلمان إذ يستحوذ على ربع المقاعد، وزعيمه راشد الغنوشي رئيس البرلمان، من أشد المنتقدين لسعيد.

وعلى الرغم من أن الأحزاب السياسية منقسمة بشدة على بعضها بعضا، يحتشد المزيد منها الآن علانية ضد سعيد ويطالبه بتبني نهج شامل لأي جهود لإعادة هيكلة سياسات البلاد.

وقد نبذت تونس الحكم الاستبدادي في ثورة 2011 وتبنت نهجا ديمقراطيا، لكن نظامها الذي يتقاسم السلطة بين الرئيس والبرلمان لم يجتذب تأييدا شعبيا.

وانتُخب سعيد، الوافد الجديد في المجال السياسي، في عام 2019 في فوز ساحق خلال جولة ثانية أمام قطب إعلامي كان يواجه تهما بالفساد. وتعهد سعيد آنذاك بتطهير الساحة السياسة.

ومع اتجاه الاقتصاد نحو كارثة وسعي الحكومة إلى إنقاذ دولي وتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي بإضراب في القطاع العام رفضا للإصلاحات الاقتصادية، يقول العديد من التونسيين إنهم أصيبوا بخيبة أمل من تركيز الرئيس على التغيير الدستوري وحسب.

التعليقات مغلقة.