صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تنظيم الاقتصاد غير الرسمي

الأساس ان يكون هناك قانون يحدد شكل الأنظمة التي تكون بمثابة الحزمة التنظيمية لهذه المهن قبل الشروع او الحديث عن ثقافة العيب او حتى تدريب الاردنيين عليها، فالتنظيم عامل حاسم في زيادة إقبال الاردنيين على هذه المهن التي تسيطر عليها العمالة الوافدة.

ليس المقصود بالاقتصاد غير الرسميّ اقتصاد الظل الموحّد في كل دول العالم تقريبا، لكن حجمه يختلف من دولة لأخرى.
ما تتناوله هذه الزاوية هو الاقتصاد غير المنظم او غير الرسميّ بمعنى آخر، فهناك الكثير من المهن التي تشكّل جزءا اساسيّاً في الانشطة الاقتصاديّة وتلعب دورا في المشهد العام، لكنها خارج إطار التنظيم والرقابة الرسميّة في بعض المجالات.
ولا يعني ان تكون هذه الأعمال والانشطة تحت المظلة الضريبيّة او الجمركية كما يعتقد البعض، فقد تكون غالبيتها خارج حد التسجيل المستهدف، لكن تنظيمها واجب أساسي من واجبات تنظيم العمل الاقتصاديّ العام والخاص على حد سواء، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال ان تبقى هذه المهن والحرف تغرد خارج السرب وحدها دون تنظيم او إشراف او رقابة من جهة عليا عليها، فالأصل ان تكون خاضعة مثل غيرها من الأعمال لجهات رقابية تنظيمية رسمية او منتخبة في القطاع الخاص.
الحاجة ظهرت ملحة لتنظيم عمل الكثير من القطاعات خلال فترة كورونا وتحديدا اثناء فترات الحظر الشامل والجزئي والذي بموجبه توقفت الكثير من الأعمال والأنشطة عن العمل، مما تسبب لأرباب هذه المهن بخسائر وأعباء ماليّة جسيمة.
جزء كبير من هذه الأعمال لم تستفد من برامج الدعم الحكومي وخاصة برنامج استدامة الذي أطلقته الحكومة من خلال الضمان الاجتماعيّ والذي تم بموجبه دفع رواتب العاملين في القطاع الخاص خلال فترة توقف الأعمال، وذلك بسبب عدم تسجيل منشآتهم في الضمان الاجتماعيّ، وبالتالي عدم شمول العاملين لديهم بالتأمينات، والنتيجة حرمانهم من الحصول على التعويضات الماليّة التي تمكنهم من مواجهة الأعباء الماليّة التي خلفتها جائحة كورونا.
ما يسمى بعمال المياومة في الاردن تتجاوز أعدادهم الـ 450 ألف شخص، غالبيتهم يعملون في مهن حرفية تدر عليهم دخلا جيدا نسبيا وعاليا في بعض الأعمال والأنشطة، لكن عدم دخولهم في مظلات الدولة المختلفة من ضمان وضريبة يعني حرمانهم من حقوق مهمة لصالح منشآتهم سيكون لها دور في تعزيز الاستقرار المعيشي لهم، لكن عدم وجودهم تحت هذه المظلات التأمينية والرسميّة المختلفة أدى لحرمانهم من كافة أشكال الدعم.
التقصير في شمول هذه الاعمال غير المنظمة بالجهات الرقابية المعنية بالشكل القانوني لا يتحمله المواطن او أرباب العمل وحدهم، فالحكومة مقصرة في هذا الأمر وعليها مسؤولية كبير تجاه تنظيم هذه الأعمال، وهذا لا يتم بالإكراه بقدر ما يكون بتحفيزهم للدخول في مختلف المواقع الرسميّة التي تقدمها الدولة، فالأساس ان تكون جميع الأعمال لديها إطار تشريعي ينظمه الشكل القانوني الذي لا يسمح بتسلل كل هاو للدخول اليه دون استحقاق، فالنجار والحداد والبناء والمواسرجي وغيرهم من أصحاب الاعمال والمهن الحرفية وهي مهمة وأساسية في المجتمع ولا تقل اهميتها عن اي وظيفة إدارية في القطاعين العام والخاص ، لا بل قد يكون دخلها أعلى بكثير من تلك الأعمال والوظائف الإدارية المكتبية، لكن للأسف ينقصها الإطار التشريعي الأساسي الملزم لها.
المقصود بذلك هو إلزامية توفير القانون المنظم لحقوق العاملين فيها، من خلال إلزامية الضمان الاجتماعيّ والتأمين الصحي والحد الادنى الأجور، مع تعزيز الحقوق العمالية والمكتسبات العمالية ببعض المهن.
لا يجوز ان ينظر للعامل الأردني في المهن الحرة بأنه عامل وافد، يستخدم لفترة ثم ينتهي العمل معه، وعلى الدولة تنظيم هذه الاعمال والنهوض بالنظرة الاجتماعية تجاهها ، فوجود تأمين صحي في اعمال البناء على سبيل المثال مع ضمان اجتماعي، يعتبر عاملا رئيسيا في زيادة إقبال الاردنيين على هذه المهنة التي تدر دخلا عاليا، وتشكّل العمالة الوافدة الغالبية العظمى في تكوينها العمالي.
الأساس ان يكون هناك قانون يحدد شكل الأنظمة التي تكون بمثابة الحزمة التنظيمية لهذه المهن قبل الشروع او الحديث عن ثقافة العيب او حتى تدريب الاردنيين عليها، فالتنظيم عامل حاسم في زيادة إقبال الاردنيين على هذه المهن التي تسيطر عليها العمالة الوافدة.

التعليقات مغلقة.