صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حين يكون الطفل ضحية السياسة

كأن السياسة – أحيانا – لا دين ولا اخلاق لها كما يقولون. يمكن ان تتعدد الآراء حول مشروع قانون حقوق الطفل، لكن افتعال معركة كبرى دفاعا عن الأمة والدين والقيم والأخلاق بافتراض ان القانون يهددها فهذا حرام. القانون لا يهدد شيئا اطلاقا بل انه حسب مختصين حقوقيين بشؤون الاسرة جاء اضعف مما يجب من حيث الالتزامات الواضحة للدولة تجاه الأسر وأطفالها.

القانون لا يحتوي حرفا واحدا مما تدعي به الحملة الظالمة. وهم لم يستشهدوا بعبارة واحدة من نصوص القانون تؤيد ما ذهبوا اليه مثل تفكيك الأسرة أو اعطاء الطفل الحق في تغيير الجنس أو الدين أو الانقلاب على القيم والتقاليد أو هوية العروبة والاسلام.. أبدا أبدا لا شيء من ذلك. وهاتوا نعد الحقوق التي نص عليها القانون ولا اعتقد ان اسرة اردنية واحدة تريد لأطفالها اقلّ من ذلك:

الحق في الرعاية الصحية المجانية. الحق في التعليم المجاني. الحق في حضانات ورياض الأطفال. الحق في الحدائق وأماكن آمنة مجانية وبرامج تثقيفية وترفيهية. الحق في الحياة الكريمة والبيئة الآمنة والحماية من التنمر والإساءة وحماية الأطفال مما يهدد حياتهم. الحق في الرعاية البديلة للأيتام أو المهجورين أو فاقدي الرعاية الاسرية. حق الطفل في النسب الى والديه. حق الأطفال في التعبير وفقا لسنهم ودرجة نضجهم والاستماع لهم في الإجراءات القضائية التي تمسهم. الحق في مستوى معيشي ملائم والحماية من الفقر. حق الطفل في الحماية من الإهمال والعنف وسوء المعاملة والاستغلال والمخدرات وتعريض سلامته البدنية أو النفسية او الجنسية أو الاتجار بالبشر والمواد الإباحية. وتفاصيل أخرى في مسؤوليات المجتمع والدولة والأسرة في نفس السياق بما في ذلك عدة مواد عن الأطفال ذوي الاعاقة. وملاحظة الحقوقيين ان كثيرا من هذه الالتزامات على الدولة لا يوجد لها آليات تنفيذ مما يجعلها التزامات معنوية عامّة.

لكن في الواقع الدولة بنت وما زالت تبني ادوات لتنفيذ هذه الالتزامات مثل مديرية حماية الاسرة والأحداث في الأمن العام وأمس كانوا معنا في لقاء في مجلس الاعيان واستعرضوا العمل الشاق والعظيم الذي يقومون به وقالوا ان القانون يوفر المظلة القانونية الأوسع لعملهم اضافة الى قانونهم الخاص

هناك وقت لاستعراض القانون بندا بندا وغدا هناك ملتقى سيضم قانونيين ومختصين ونشطاء اجتماعيين وسياسيين وستقدم فيه اوراق عمل علمية حول القانون. ويا ليت لو ان كل مواطن مهتم يطلع على النصوص فهي حذرة وحريصة وكل فقرة تقول «مع مراعات التشريعات النافذة» فلا تجاوز اطلاقا على الشرع والتشريع. وقد جاء النص على التنشئة السليمة بوجوب أن تحترم الحرية والكرامة والقيم الدينية والاجتماعية.

القانون يرتب واجبات والتزامات على الدولة نريدها وطالبنا بها دائما. وهل ننسى القصص الموجعة عن أطفال تعرضوا للحجز وسوء المعاملة بل والتعذيب حتى الموت أو القتل بوحشية في بيوت تعاني من التفكك الأسري والفقر المدقع أو الأمراض النفسية.

هذه العاصفة التي تدعي على القانون بما ليس فيه او تحمل النصوص من المعاني المضمرة ما لا تحتمل ستنكشف غدا في النقاش التشريعي المسؤول في لجان المجلس لكن الحملة الاعلامية تريد استباق ذلك بشيطنة القانون ونصبه هدفا للقصف بكل انواع الأسلحة. وهي كما يبدو نوع من الرسائل الخشنة للدولة وجس نبض الدخول في معركة لي ذراع مع الدول، وكنا نعتقد اننا تجاوزنا من زمان هذه الاساليب.

التعليقات مغلقة.