الاستقرار النقدي.. حق للأردن أن يفتخر
نشرت صحيفة “الاندبندت” الصادرة باللغة العربية رسما كاريكاتورياً تتصدره عملة “العم سام” كقوة مالية واقتصادية، وحولها العديد من العملات العربية والاقليمية التي تهاوت خلال الفترة الماضية.
مسألة انهيار العملات في العديد من الدول العربية كانت نتاجا لسياسات مختلفة؛ لكنها في النهاية تقود الى نتيجة واحدة هي أن بنوكها المركزية لم تنجح في تحقيق هدفها الرئيسي وهو تحقيق الاستقرار النقدي، خاصة في ظل تدخلات في أعمالها وتغليب الأسباب السياسية أحيانا، وتارة أخرى السعي وراء الشعبوية وعدم احترام استقلالية وتقدير أهمية دور البنوك المركزية لتقع الدول في براثن الفشل.
ثمن الفشل عظيم؛ حتى أنه يمس المواطن البسيط قبل المستثمر، فالبعض من الدول التي فقدت نعمة الاستقرار النقدي بات المواطن يشتري السلع صباحا بسعر وفي المساء بسعر أعلى لأن السوق السوداء تتصدر المشهد في تلك الدول التي تنهار عملاتها.
الدرس الرئيسي الذي ينبغي أن يؤمن به الجميع، هو ضرورة عدم التدخل بعمل القائمين على السياسة النقدية، فليس لدى أي محافظ شهية لاستخدام أدوات السوق المفتوح، وخصوصا اداة رفع اسعار الفائدة، الا لضمان تحقيق الاستقرار النقدي.
ما يشهده العالم من أزمة عالمية تجلت بعد جائحة كورنا وانفجار الحرب الاوكرانية الروسية تسبب بمآس كبيرة، فتحول الفيدرالي الاميركي من السياسة التوسعية الى الانكماشية لكبح جماح التضخم، وهي ليست الأزمة الاولى ولا الاخيرة.
اساسيات الاقتصاد الاردني وانتهاجه برامج اصلاحية متتالية عززت من منعة الاقتصاد الوطني في مواجهة هذه الازمة، وما يقوم به البنك المركزي الاردني من اداء حصيف لتحقيق أهدافه مسألة غير قابلة للنقاش ولا يمكن المجاملة بها.
فاليوم رغم الانهيارات التي تشهدها بعض الاقتصاديات فقد حصل الاقتصاد الوطني من مؤسسات التصنيف الدولية على درجات أعلى مما سبق وقد نجح في اجتياز المراجعة الخامسة لبرنامج صندوق النقد الدولي، مما يؤشر على صوابية القرارات الاقتصادية للمملكة، ولا يمكن لأحد أن ينكر الصعوبات لكنها واقع ينبغي التعامل معه.
كذلك عند النظر بشكل شمولي نجد أن البنوك العاملة في المملكة والتي تمثل شرايين الاقتصاد الوطني هي بأفضل أحوالها ويعكس ذلك نتائجها المالية وسياسات ادارتها المتحفظة والمتناغمة مع الواقع بالتعاون مع البنك المركزي الاردني.
سياسات رفع اسعار الفائدة ليست أبدية وهي دورة اقتصادية كان الشاهد عليها سنة 2022، والتوقعات تشير الى أنها قد اقتربت من نهايتها وبالتالي التعامل بواقعية هو الحل الامثل، وضرورة ترك القرارات اللازمة بكل حرية للبنك المركزي الاردني للمحافظة على نعمة الاستقرار النقدي.
التعليقات مغلقة.