صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“المشهد” تتطلع لعالم أكثر إنصافا يصنع الحضور الرقمي للمرأة العربية

صبا عميش

لم تكن المرأة بمعزل عن التطور الهائل الذي أنتجته الثورة الرقمية، خصوصا في ما يتعلق بالفرص والتقنيات غير المسبوقة التي وفرتها لتمكينها وإدماجها في جميع أنحاء العالم.
في العالم المثالي، الرقمي أو الواقعي، يتمتع الرجال والنساء بالحظوظ عينها وينالون تمثيلا متساويا في جميع المجالات على حد سواء، لكن ذلك يبقى في العالم المثالي فقط. أما على أرض الواقع، فإن الأرقام للأسف تعرض صورة مختلفة تماما وخاصة في عالمنا العربي، ولا يتعلق الحديث هنا بالتمكين الاقتصادي أو السياسي، بل بالحضور الرقمي.
فلو استعرضنا نتائج “التقرير الرقمي العالمي” الصادر عن شركتين عالميتين هما “هوت سويت” و”وي آر سوشل”، فسنجد أن المرأة حاضرة بشكل متكافئ مع الرجل في معظم مناطق العالم، بل إن مستخدمات وسائل التواصل يتجاوزن من حيث النسبة نظرائهم الذكور في دول أمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى، أما في أوروبا الغربية والشرقية فتتساوى النسب مع أفضلية طفيفة للمرأة، والأمر نفسه في جنوب شرق آسيا وفي استراليا وجنوب أفريقيا.
أما العالم العربي بالمقابل، فيقدم ثاني أسوأ نسبة عالمية لانعدام المساواة في الحضور على وسائل التواصل بين الجنسين، حيث لا تزيد نسبة النساء على المنصات الرقمية عن 38% في الشرق الأوسط مقابل 62% للرجال، في حين تبلغ 40% في شمال أفريقيا مقابل 60% للرجال.
ولو نظرنا بشكل أدق على صعيد المنصات مع الغوص بشكل أعمق في واقع أبرز الأسواق العربية للمحتوى الرقمي، فستظهر الفوارق لدينا بوضوح. على سبيل المثال، يتوزع مستخدمو إنستغرام عالميا بين 49.3 في المئة من النساء مقارنة مع 50.7 للذكور، وفي منصة تك توك تحضر النساء بنسبة 57% مقابل 43% للذكور. وفي يوتيوب تشارك النساء بنسبة 46.1% مقارنة مع 53.9 % للذكور. كذلك في منصة فايسبوك تحضر الإناث بنسبة 43.4% فيما يحضر الذكور بنسبة 56.6%. أما في منصة تويتر فتبين الإستطلاعات حضور الذكور بنسبة 56.4% مقابل 43.6% للنساء، وعلى سناب شات تحضر المرأة بنسبة 53.8% مقابل %45.4 للذكور.
عربيا، تبين الاستطلاعات الحديثة ان النساء في مصر، على سبيل المثال، شكلن 46.3٪ من الحاضرين على إنستغرام بينما سجل حضور الرجال 53.7٪. وفي أوائل عام 2022، كان 38.3٪ من جمهور “تيك توك” من الإناث، بينما كان 61.7٪ من الذكور. أيضا حضرت النساء بنسبة 37.8٪ على صعيد فايسبوك، بينما كان 62.2٪ من الذكور. أما في ما يتعلق بمنصة “لينكد إن”، فسجلت النساء 29.1٪، بينما حضر الرجال بنسبة 70.9.
وفي مطلع العام الماضي، سجلت النساء في السعودية حضورا بنسبة 23.9% على “فايسبوك” بينما كان 76.1% من الذكور. تزامنا، حضرت المرأة بنسبة 39.9٪ على موقع “يوتيوب” بينما حضر الذكور بنسبة 60.1٪. وعلى صعيد تيك توك سجلت النساء 39.1٪ من الحضور بينما كان 60.9٪ من الذكور.
وفي أوائل عام 2022، فقد كان 37.8% من جمهور منصة فايسبوك في المغرب من الإناث، بينما كان 62.2% من الذكور. وبالنسبة لإنستغرام فقد شكل حضور النساء 45.9%، بينما سجل الذكور 54.1%. أما على تك توك فقد حضرت النساء بنسبة 47.3% فيما حضر الرجال بنسبة 52.7%.
تطرح هذه الأرقام والنسب والمتفاوتة أكثر من علامة إستفهام عن الأسباب التي تؤدي الى ضعف الحضور النسائي على مواقع التواصل الإجتماعي، التي وبالنسبة لكثيرين باتت المصدر الأساسي لمعرفة الأحداث والأخبار والقصص، فهل يرتبط هذا الحضور الخجول بضعف التغطيات المتعلقة بقضايا المرأة؟ أم أن للأمر علاقة بطبيعة المحتوى وعناصره؟
خلال مشاركاتي في العديد من المنتديات الحوارية والحلقات النقاشية التي تتناول مستقبل الإعلام الرقمي على مستوى المنطقة، وبحكم تجربتي بوضع استراتيجيات العمل في المجال الاتصالي والتسويقي الرقمي، استطعت أن أربط هذا الحضور النسائي الخجول على منصات التواصل الاجتماعي بسبب رئيسي: لن تتحمس النساء الى الارتباط والتفاعل مع محتوى تنتجه المنصات، ويمثلهن تمثيلا ضعيفا. بالطبع لن يلقى هذا المحتوى أي صدى ايجابي من النساء وعليه فإنهن لن يتفاعلن معه بكل بساطة.
يومياً، تنتج المنصات ووسائل الإعلام، كمّاً هائلا من المواضيع التي تتحدث عن المرأة، لكنها إجمالا تبقى تفتقر الى المحتوى التشجيعي الجذاب الذي يراعي بالفعل إهتمامات المرأة ويعالج القضايا الرئيسية التي تهتم بها بعيدا عن الصور النمطية المفروضة على المرأة، وهذا ما يؤكده الحضور الخجول للنساء الذي تحدثت عنه لغة الأرقام أعلاه… وهذا ما نسعى في “المشهد” لتغييره.
فقناة ومنصة “المشهد” التي انطلقت بتجربة اعلامية فريدة يندمج بها الاعلام الرقمي والتلفزيوني، تعد بتقديم محتوى راق يعكس بصدق وشفافية المشهد في وطننا العربي. وكما بذل القيمون على “المشهد” جهدا جبارا لضمان إنشاء محتوى يحاكي جميع فئات المجتمع، فإنهم أدركوا الحاجة الملحة لإنشاء محتوى يحترم التنوع ويحاكي المرأة بطريقة بناءة تكسر القوالب النمطية الموجودة ويعزز حضورها الهادف.
ولأن “المشهد” تعي خطورة غياب المرأة عن المشهد، فهي تقدم للمرأة العربية إعلاما يعزز حضورها من خلال انتاج محتوى يحقق المشاركة الشاملة بين الجنسين، ومحتوى متوازن لا يهدف الى إشراك المرأة فقط، بل يساعد أيضا في زيادة تأثيرها.
وأدركت “المشهد” أن هذا الأمر يتطلب العمل بشكل استباقي. فكانت الخطوة الأولى في فهم عمق المشكلة، ثم توالت الخطوات للوصول الى نخبة من البرامج الغنية التي تحاكي المرأة بطريقة مختلفة وتعزز من حضورها على المنصات ووسائل التواصل الإجتماعي.
فإلى جانب وجود 4 إعلاميات يبرعن في مجال تقديم النشرات والبرامج الإخبارية هنّ آسيا هشام، ولينة المجالي، وأريج خليل وشاهندا أديب، خصصت “المشهد” سلسلة من البرامج بقيادة نسائية. فكان برنامج “أول مليون” الذي تقدمه حسناء طالب، التي حققت أول مليون في سنّ الثالثة والعشرين، وبرنامج “رحلة رقم” الذي لا يشبه برامج السفر المعتادة، لأن مقدمته المؤثرة المعروفة رها محرق، أول فتاة سعودية تتسلق قمة إيفرست، إضافة الى برنامج “نصيحة” الذي يقدم نصائح حول شؤون الاسرة، كما تطل مجدلا خطار ببرنامجين هما “حق الأرض” الذي تعيد عبره التذكير بأهمية البيئة وقضاياها الملحة، وبرنامج “حافظ مش فاهم” الذي يعيد تسليط الضوء على أصل المصطلحات المتداولة بين الناس يوميا دون إدراك حقيقي لمعانيها ودلالاتها.
وتطل هبة حيدري للحديث عن القضايا الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي عبر برنامج “المشهد تاغ” لتقدم نظرة شاملة للمواضيع المطروحة على وسائل التواصل من خلال عرض خلفياتها وتفاصيلها، مع توسيع النقاش للربط بين شاشة القناة والمنصات الرقمية.
وتنقلنا ميس محمد إلى الجانب المشرق من واقعنا من خلال “سُرَّ من رأى” الذي تكسر عبره لصورة النمطية عن منطقتنا مع أخبار سارة وملهمة من العراق، في حين تعرض شاهندا أديب من خلال “تشويش” بأسلوب بسيط لخرافة أو معتقد خاطئ أو صورة نمطية حول مواضيع تعنى بالعلوم والفضاء، لتشرح الموضوع من جانب علمي بحت يُفنّد التفسيرات الخاطئة التي تدور حوله في العالم العربي.
كما تجسد البرامج في محتواها وطروحاتها روحية “المشهد” ومقاربتها للقضايا العامة، بفريق استثنائي من المتخصصين وأصحاب الخبرة في المجال الإعلامي لخلق محتوى متوازن ومتميز يعرض أهم القضايا والمواضيع.
كما حرصت “المشهد” على المساواة في الفرص وتمكين المواهب النسائية في طاقم عملها، فعرفت “المشهد” الجمهور العربي على نخبة من أفضل الكفاءات العربية الشابة، مثل حنين حسن وهيا محفوظ، اللتان تمثلان نموذجا لإيماننا بأهمية الاستثمار في رأس المال البشري، فبعد انضمامهما إلى الفريق الرقمي في القناة برزت مواهبهما في مجال تقديم المحتوى للجمهور على الشاشة، ولم تتردد “المشهد” في منحهما هذه الفرصة، وهو ما يشاهده الجمهور أيضا مع إطلالة عفراء الجول، التي برعت في إنتاج الأخبار الرياضية، ولكنها تحظى بفرصتها على الشاشة أيضا لتشارك في تقديم البرنامج الرياضي الرئيسي على القناة، إلى جانب الإعلامي الكبير لطفي الزعبي.
نحن في “المشهد” نثق بقدرتنا على إنتاج قصص لها تأثير يغير حياة الأفراد من دون استثناء”. فالمشهد تؤمن بقدرة المحتوى على أن يفعل الكثير لتعزيز الحضور النسائي على منصات التواصل الإجتماعي، وبالدور الكبير الذي يمكن للتكنولوجيا أن تلعبه على صعيد جعل عالمنا أكثر إنصافا وتنميته أكثر استدامة.

التعليقات مغلقة.