صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ماذا لو ارتفع برميل النفط إلى 100 دولار؟

فرضية أن تلامس أسعار برميل النفط حاجز الـ (100 دولار) فرضية مطروحة تماما، بل تتوقع مراكز دراسات وأبحاث عالمية بلوغ سعر البرميل (120 دولارا)، وكل ذلك يأتي في أعقاب قرار (اوبك+) الاخير بخفض انتاج البترول بنحو مليون برميل يوميا، أي بنحو (1%) من الطلب العالمي، مما أدى لارتفاع فوري بأسعار النفط عالميا، وهي مرشحة للارتفاع..في وقت لا زالت فيه اقتصادات العالم تكافح من أجل الحد من التضخم والبعد عن شبح الركود الذي يهدد كثيرا من الاقتصادات في العالم.

لن أدخل في تحليل آثار وتداعيات ارتفاع اسعار النفط على ( المشهد السياسي والعسكري) في الحرب الدائرة على الاراضي الاوكرانية، وانعكاسات ذلك على اقتصادات الدول المشاركة وتحديدا روسيا والولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاوروبيين وغيرهم..ولا على دور الصين بعد العودة لفتح الاغلاقات والخروج التدريجي من تداعيات جائحة كورونا، ودورها – الصين – كرافعة للنمو الاقتصادي العالمي ومستهلك أكبر للنفط..ولكن تداعيات ارتفاع اسعار النفط عالميا من شأنها خلط اوراق فرضيات اقتصادات العديد من دول العالم ومنها الاردن بالتأكيد.

الاقتصاد الاردني..وتحديدا موازنة 2023 وضعت فرضياتها بمتوسط أسعار النفط المتوقعة خلال العام الحالي، وهي بالتأكيد دون الـ(100 دولار/للبرميل)، ولذلك فان أي ارتفاع في اسعار النفط عن المعدلات المتوقعة ستؤثر سلبا على الاقتصاد الاردني بما يتعلق بـ:

– عجز الموازنة مع ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية عما هو مقدّر.

– ارتفاع المديونية.

– والاهم انعكاس تلك الارتفاعات على مختلف القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها الصناعة والنقل و تنافسية الصادرات..الخ.

الاردن ليس بلدا نفطيا -حتى يستفيد من ايرادات زيادة اسعار النفط، بل هو بلد مستورد وسيتأثر سلبا كلما ارتفعت كلفة الفاتورة النفطية، لذلك لا بد الاستعداد لأية سيناريوهات مقبلة وذلك على النحو التالي:

-المضي قدما بسياسة «التحوّط «، والاستثمار بمشاريع لتخزين النفط تزيد من القدرة التخزينية.

– تحرير السوق والسماح للشركات باستيراد النفط من أكثر من مصدر لخلق تنافسية تكون في صالح المستهلك.

– ارتفاع اسعار النفط عالميا لمستويات قياسية سينعكس بالرفع على أسعار بيع المشتقات النفطية في الاردن الامر الذي يستوجب اعادة النظر بالضرائب المفروضة على المشتقات النفطية من بنزين بانواعه وديزل وسولار..مع الاستمرار بتثبيت سعر الغاز المنزلي.

– الاستمرار بدعم القطاع الصناعي للابقاء على قدرته التنافسية والتصديرية وذلك من خلال الابقاء على سعر الغاز البترولي المسال بالجملة للتوزيع المركزي للقطاع الصناعي عند أسعار تنافسية (كما فعلت الشهر الحالي).

-المضي قدما بمشاريع ايصال الغاز للمدن الصناعية والمصانع الكبرى لتخفيض كلف الطاقة على الصناعات الوطنية ودعم تنافسيتها.

– تنويع مصادر استيراد النفط من خلال الاتفاقيات الثنائية والتي كان آخرها المباحثات مع الاشقاء الجزائريين لدراسة إمكانيات إمداد الأردن بالنفط الخام والغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال وكذلك توزيع وتخزين المنتجات البترولية في المملكة.

– تثبيت وتجديد اتفاقية توريد النفط العراقي للاردن وبسعر تفضيلي- «المتوقفة حاليا «- والمؤمل اعادة تجديدها الشهرالحالي.

-تكثيف خطط وبرامج التوجه نحو الطاقة النظيفة والمتجددة..والكهربائية والذكية خصوصا لوسائط النقل، وتحفيز التوجه نحو السيارات الكهربائية للمواطنين بتخفيض الرسوم.. وغير ذلك.

باختصار: من المهم الاستعداد للمرحلة المقبلة والبحث عن خطط بديلة لمواجهة «أزمة ارتفاع أسعار النفط « وتداعياتها – وهي بالمناسبة ليست مفاجئة، بل ان العالم يعاني من أزمتي « الطاقة والغذاء « منذ اندلاع الحرب في اوكرانيا تحديدا، لكن المختلف هذه المرّة ان هناك قرارات مفاجئة قد تم اتخاذها أثرت سريعا على أسعار النفط.. ايجابا(للدول المنتجة والمصدّرة) وسلبا ( للدول المستوردة – والاردن منها ) لذلك علينا ان نكون مستعدين.

تبقى ملاحظة أخيرة لابد من الاشارة اليها وهي ان الاقتصاد الاردني الذي يتأثر سلبا بارتفاع أسعار النفط عالميا الا أنه يتأثر ايجابا بانتعاش دول النفط الشقيقة المجاورة من خلال: امكانية جذب الاستثمارات من فوائض الايرادات النفطية -وزيادة معدلات حوالات المغتربين -والجذب السياحي..وللتخفيف من تداعيات آثار أية ارتفاعات قادمة في أسعار النفط على اقتصادنا، من المهم العمل على تعظيم واستثمار الايجابيات للتخفيف من آثار السلبيات.

التعليقات مغلقة.