صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الصناديق الاستثمارية في الأردن

الصناديق الاستثماريّة هي أدوات استثماريّة حاسمة للنهوض بالواقع الاستثماريّ، ويجب أن تحسن الحكومات التعامل معها وتوفير مناخ جاذب وداعم لعملها، وخاصّة في توفير خريطة استثماريّة مجدية للمشاريع الّتي تتطلّع الدولة لتحقيقها. حينها، ستكون الصناديق مساهمة رئيسة في الاستثمار، وفي المشاريع الكبرى، بعيداً عن السياسة وأبعادها المعلنة والخفيّة.

قبل أيّام قليلة، صدرت في العدد الأخير من الجريدة الرسميّة تعليمات بتسجيل فروع عاملة لصناديق الاستثمار الأجنبيّة في سجلّ صناديق الاستثمار في المملكة، والّذي سمح لهم بتسجيل فروع لهم في المملكة، إذا كانت مملوكة من قبل شريك أردنيّ وشريك مدير أجنبيّ مسجّل في الخارج.
أثارت هذه التعليمات فضولنا الصحفيّ حول الدور الاستثماريّ الّذي تلعبه الصناديق الاستثماريّة في المملكة، والّتي يرى العديد من المراقبين أنّ دورها لا يزال لا يحظى بالحضور المستهدف في القوانين أو حتّى في الحالة الإعلاميّة الّتي تمّ إنشاؤها وترويجها على أساسها.
فها هو الصندوق الاستثماريّ السعوديّ الأردنيّ، الّذي تأسّس في عام 2017 برأس مال 3 مليارات دولار، والّذي حصل على إعفاءات وتسهيلات وحوافز استثنائيّة غير مسبوقة، لا يزال تحرّكه الاستثماريّ شبه جامد، ولم يصل للمستوى المنشود الّذي بموجبه أعطيت كلّ تلك الإعفاءات، باستثناء تحرّكه الأخير في المستشفى التعليميّ بقيمة 400 مليون دولار.
حتّى شركة إدارة صندوق رأس المال والاستثمار، والّذي يعتبر أكبر صندوق استثماريّ يؤسّسه القطاع الخاصّ، وأضخم شركة تأسّست في تاريخ المملكة من حيث رأس المال، والّذي يبلغ 275 مليون دينار، والمملوك بالكامل من قبل البنوك الأردنيّة، لا يزال حضوره الاستثماريّ محدوداً للغاية.
هذا يدفعنا للتساؤل حول العوائق الحقيقيّة الّتي تحول دون انخراط هذه الصناديق في العمليّة الاستثماريّة بالشكل المطلوب والمستهدف، وفيما إذا كانت هناك فعلاً عقبات حقيقيّة أو خفيّة تجعل الصناديق تتردّد في الانخراط في الاستثمار.
يعتقد الكثيرون أنّ هناك مجموعة من الأسباب الّتي قد تحدّ من نشاط الصناديق الاستثماريّة، أبرزها عدم توافر الفرص الاستثماريّة المناسبة، حيث يعاني السوق الأردنيّ من قلّة الفرص الاستثماريّة المتاحة، ممّا يصعب على الصناديق الاستثماريّة تحقيق عوائد جيّدة على استثماراتها.
وأيضاً، يعتقد البعض الآخر أنّ الصناديق الاستثماريّة تواجه قيوداً قانونيّة وإجرائيّة في الاستثمار، ما يضيق الباب على العديد من الفرص الاستثماريّة، أو حتّى في اختلاف التشريعات الضريبيّة في الأردنّ مقارنة في الدول الأخرى، ما يمكن أن يكون له الأثر السلبيّ على العوائد المتحقّقة للصناديق الاستثماريّة.
لكن من الواضح أنّ هناك سبباً رئيساً يتعلّق بانخفاض حجم السوق، حيث يتميّز السوق الأردنيّ بانخفاض حجم الأسهم المتاحة للاستثمار، ما يزيد من تحدّيات العثور على فرص استثماريّة كافية للصناديق الاستثماريّة. هذا يترافق مع قلّة العائد على الاستثمار، والّذي يتأثّر بدوره بأداء الصناديق الاستثماريّة والعوائد المتحقّقة على استثماراتها. مقدار العوائد يتحدّد بمستوى النشاط الاقتصاديّ في الأردنّ، الّذي يعاني حاليّاً من معدّلات نموّ متباطئة.
اليوم، وعلى ضوء وجود قانون استثمار وفريق عمل جديدين، وبتوفّر الإرادة والإدارة الرسميّة القويّة لدفع عجلة الاستثمار المحلّيّ والأجنبيّ، يقتضي الأمر وقفة لتقييم أداء تلك الصناديق وكيفيّة تعزيز حضورها الاستثماريّ.
ويمكن ذلك من خلال تحسين بيئة العمل والاستثمار في الأردنّ بواسطة تبسيط الإجراءات الحكوميّة، تخفيض التكاليف والضرائب، تعزيز الشفّافيّة والنزاهة، وتحفيز الابتكار والريادة.
ومن الضروريّ العمل بقوّة على تطوير البنية التحتيّة، ودعم الشراكات الإستراتيجيّة من خلال تشجيع الشركات العالميّة على الاستثمار في المملكة، وتسهيل الاستثمارات المشتركة بين القطاعين العامّ والخاصّ.
ويجب تعزيز القطاعات الحيويّة، خاصّة السياحة والصناعة والزراعة والتكنولوجيا، مع تحسين التعليم والتدريب.
الصناديق الاستثماريّة هي أدوات استثماريّة حاسمة للنهوض بالواقع الاستثماريّ، ويجب أن تحسن الحكومات التعامل معها وتوفير مناخ جاذب وداعم لعملها، وخاصّة في توفير خريطة استثماريّة مجدية للمشاريع الّتي تتطلّع الدولة لتحقيقها. حينها، ستكون الصناديق مساهمة رئيسة في الاستثمار، وفي المشاريع الكبرى، بعيداً عن السياسة وأبعادها المعلنة والخفيّة.

التعليقات مغلقة.