صحيفة الكترونية اردنية شاملة

دراسة جديدة تشكّك بفعالية “الصيام المتقطع” وتحذّر منه

يُعد الصيام المتقطّع أحد الحميات الغذائية الرائجة التي يحاول الأشخاص بواسطتها خسارة الوزن أو الحفاظ عليه.

تُعرف هذه الممارسة أيضًا باسم الأكل المقيّد بالوقت، وهو أسلوب لفقدان الوزن يحصر فترة تناول الطعام بأوقات محددة، عادةً ثماني ساعات خلال 24 ساعة، ويسمح للشخص باستهلاك السوائل الصافية فقط خلال الـ16 ساعة المتبقية. وتشمل الأساليب الأخرى الصيام لمدة يومين أو ثلاثة أيام خلال أسبوع أو شهر.

فما مدى فعالية الصيام المتقطّع؟

وكانت الأبحاث السابقة أظهرت إيجابيات تقييد الوقت. وتوصلت مراجعة للدراسات البشرية والحيوانية وُضعت في ديسمبر/ كانون الأول 2019، إلى أن هناك فوائد ناجمة عن تقييد السعرات الحرارية لفترة قصيرة من اليوم، تشمل إطالة العمر، وانخفاض ضغط الدم، وفقدان الوزن.

إلا أنّ دراسة استمرّت لمدة عام، تابعت 139 شخصًا بالغًا صينيًا  يتوزعون بين من يعانون من زيادة الوزن والسمنة المفرطة، ونُشرت في أبريل/ نيسان 2022، لم تجد أي فائدة من حساب السعرات الحرارية لفقدان الوزن، أو تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.

النتائج الجديدة

أثار البحث الذي قدّم هذا الأسبوع، الشكوك والانتقادات من الخبراء على الفور، لإشارته إلى أنّ تناول الطعام خلال فترة ثماني ساعات أو أدنى ارتبط بزيادة خطر الوفاة الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 91٪، مقارنة بتناول الطعام بين 12 و16 ساعة.

وقد عرض ملخّص البحث الأولي الذي لم تتم مراجعته من قبل الأقران أو نشره بعد، الإثنين، في إطار مؤتمر لجمعية القلب الأمريكية الذي يُعقد بشيكاغو .

وأشار فيكتور وينز تشونغ، المؤلف الرئيسي في الدراسة، وأستاذ ورئيس قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي بكلية الطب في جامعة شنغهاي جياو تونغ بالصين، إلى “أننا فوجئنا لدى اكتشافنا أنّ الأشخاص الذين اتبعوا جدولًا زمنيًا محددًا لتناول الطعام مدته 8 ساعات، كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية”.

وأفاد تشونغ في بيان: “تشجع نتائج دراستنا على اتباع مقاربة أكثر حذرًا ومشخصنة تجاه التوصيات الغذائية، ما يضمن توافقها مع الحالة الصحية للفرد وأحدث الأدلة العلمية”.

النتائج الجديدة أولية للغاية

قامت الدراسة الجديدة بتحليل بيانات 20 ألف شخص أجابوا على أسئلة تتّصل بعاداتهم الغذائية على مدار 24 ساعة خلال يومين، في السنة الأولى من التسجيل بتحليل طويل المدى لصحة البالغين في الولايات المتحدة، ثم نظرت إلى سجلات الوفيات في السنوات التالية.

وقال الباحثون إن التحليل أظهر وجود صلة بين الوقت المحدد لتناول الطعام وقدره ثماني ساعات، والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، لكن الدراسة لم تتمكن من تحديد ما إذا كان نمط الأكل هذا هو سبب الوفيات.

وأعرب العديد من الخبراء عن مخاوفهم بشأن البحث الجديد.

الصيام المتقطع
Credit: Maskot/Getty Imagesnormal

إذ علّق كيفن ماكونواي، الأستاذ الفخري للإحصاء التطبيقي في الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة، وغير المشارك في الدراسة: “هناك ما يكفي في ملخص المؤتمر لإثارة شكوك كبيرة حول ما إذا كانت الدراسة ستتمكن من إثبات ما تدّعي أنّها أظهرته”.

ولفت ماكونواي في بيان إلى  أنّ “الباحثين صنّفوا الأشخاص في إطار أنماط غذائية مختلفة، على أساس ما ومتى أبلغوا أنهم تناولوا الطعام خلال يومين فقط، فترة دراسة متوسطها 8 سنوات. يبدو أن ربط هذه الأنماط بالتدخل المتعمد في تناول الطعام على المدى الطويل والمحدود زمنياً، يتجاوز البيانات بكثير”.

 من جهته رأى توم ساندرز، الأستاذ الفخري للتغذية وعلم التغذية في جامعة كينغز كوليدج بلندن، غير المشارك في الدراسة، أنّ الملخّص لا يكشف عمّا إذا كان الأشخاص الذين يتبعون أسلوب الأكل المحدود بوقت عملوا لساعات “غير اجتماعية”، إسوة بسائقي الشاحنات، والعمال الليليين، والعاملون في مجال الصحة في الغالب.

وأفاد ساندرز ببيان: “هذا مهم لأن هناك أدلة على أن هذا النوع من ممارسات العمل يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية”.

من جهته، لفت دوان ميلور، اختصاصي تغذية مسجل وزميل تدريس رئيسي بكلية أستون الطبية في برمنغهام، المملكة المتحدة، وغير المشارك في الدراسة، إلى غياب المعلومات في الملخص حول تعاطي التبغ والكحول، أو النشاط البدني، أو مستوى الفقر بين من قالوا إنهم يمارسون الصيام المتقطّع، وكلها عوامل خطر تتسبب بالإصابة بأمراض القلب.

وأوضح ميلور في بيان: “علينا أن نكون حريصين للغاية على عدم إصدار عناوين وقصص مثيرة للقلق استنادًا إلى مثل هذه المعلومات المحدودة”.

وتابع: “ربما ما تأكله، ونمط حياتك العام أكثر أهمية من تناولك كل طعامك في أقل من 8 ساعات على مدار يومين، في العقد الماضي”.

هل الصيام المتقطّع مفيد لك؟

كما هي الحال مع العديد من الأبحاث العلمية، قد تؤدي  إلى نتائج متضاربة، وغالبًا ما تعتمد على جودة الدراسة، وما إذا اعتمدت الدراسات قياس الأمر ذاته بالطريقة عينها.

وفي حال الصيام، يقول الخبراء إن الدراسات منتشرة في كل مكان. فالبعض يدرس الصيام لمدة يومين أو أكثر خلال الأسبوع، والبعض يدرس الصيام بين الساعة 8 صباحًا و4 مساءً، والبعض الآخر من الظهر حتى 8 مساءً أو أوقات أخرى.

وقال باحث التغذية كريستوفر غاردنر لكبير المراسلين الطبيين لدى CNN، الدكتور سانجاي غوبتا، إنّ “البيانات غير مقنعة أبدًا في رأيي، بالنسبة للصيام المتقطع. إذ من الصعب الدراسة والنشر بنتائج واضحة”.

الصيام المتقطع
Credit: iStock / Getty Images Plusnormal

وأضاف غاردنر، أستاذ الطب في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية في بالو ألتو، كاليفورنيا: “ليس هناك تركيز على الجودة، أليس كذلك؟ أخشى أن يعتقد الناس أنه في وسعهم تناول نصف لتر من الآيس كريم أو الكعك خلال الوقت المحدد، أو يمكنني تناول أي شيء، لأن ما هو مهم يتمثّل بالوقت المقيّد”.

كيف تخسر وزنك؟

يقول الخبراء إن ما تأكله وكم تأكل منه، أكثر أهمية من أي شيء آخر.

حول هذا الموضوع تحدثت أليس ليختنشتاين، المديرة وكبيرة العلماء في مختبر تغذية القلب والأوعية الدموية في جامعة تافتس، وغير المشاركة في الدراسة، مع CNN في مقابلة سابقة، جاء فيها “إنّ العامل المحدد لفقدان الوزن، وكذلك انخفاض نسبة الدهون في الجسم، والدهون الحشوية، وضغط الدم، ومستويات الغلوكوز والدهون، يعتمد على تقليل السعرات الحرارية، بغض النظر عن توزيع الأطعمة والمشروبات المستهلكة على مدار اليوم”.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت تجربة سريرية عشوائية وضعت في سبتمبر/ أيلول 2020، التي تعتبر المعيار الذهبي للبحث، والتي نظرت في 116 شخصًا، عدم وجود فرق كبير لفقدان الوزن بين الأشخاص الذين قيّدوا تناول الطعام بين الساعة 8 مساءً حتى ظهر اليوم التالي ومن لم يفعلوا ذلك. 

كما لم تجد دراسة رصدية أجريت في شهر يناير/ كانون الثاني على 547 شخصًا، فرقًا حقيقيًا أيضًا  بين أوقات الأكل المقيدة وفقدان الوزن.

التعليقات مغلقة.