صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“الانتخابات القادمة “…هل سيصدق فينا قول الشاعر: أرى تحت الرماد وميضَ نارٍ

بقلم سوسن المبيضين 
اليوم ونحن نتحدث عن استحقاق دستوري بات قريبا، حيث سنشاهد الشهر القادم عددا كبيرا من النواب، يمثلون الشعب الأردني تحت القبة، يفتقدون إلى النهج والفكر والرؤية السياسية والنضج السياسي، لم يمارسوا العمل العام سابقا، لا يعلمون عن وضع الشعب الأردني وهمومه، لم يتحدثوا يوما عن الفقر والبطالة أو حتى عن زيادة الدين العام، لم تشغلهم يوما قضية شح المياه، وقضايا الطاقة والاقتصاد، وهموم المزارعين، وكشف الفاسدين، ليس لديهم أي إلمام، أو اي مفهوم أو وعي بطبيعة القضايا الوطنية والتحديات التي يمر بها الوطن على المستوى الداخلي والخارجي، لا يملكون برامج تتحدث عن الأولويات التي من المفترض أن تكون على قائمة الأولويات الوطنية، لكن معظم هؤلاء وخصوصا في القوائم الحزبية من أبناء النخب، والفراش الوثير، والملاءة المالية،  التي جعلتهم يحتلون الأرقام الأولى في القوائم الحزبية التي ستمكنهم من الوصول إلى الغرفة الأولى من غرف مجلس الأمة.
المجلس القادم تنتظره ملفات وقضايا هامة، في خضم هذا المحيط الدولي المرتبك والعاجز،  عن مواجهة التحديات الكبرى، غير المسبوقة في حدتها وخطورتها التي توشك أن تدخل بالعالم في مواجهات لا تحمد عقباها على المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
لا بد أن يتواجد مجلسا نيابيا،  يساهم ويعمل على تجاوز هذه المرحلة، وتجاوز كل سلبيات الماضي، مجلسا يقدر أهمية الحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها واستقلالها، وحماية حرية وكرامة الشعب الأردني.
مجلسا يملك القدرات على تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، ويكون قادراً على وضع التشريعات والقوانين التي تخدم قضايانا على كل الأصعدة , بحيث يشكل صورة جديدة لما يجب ان يكون عليه مجلس النواب من حيث الاقتدار والتفاني، نوابه عوناً للحكومة، مثلما يراقبون أداءها ومحاسبتها،  ومن ثم الأخذ بيدها لتكون قادرة على النهوض بواقع الوطن وتحقيق الإصلاحات وترسيخ الديمقراطية.
كما تقع على عاتق هذا المجلس،  السعي لإعادة الثقة بدوره، الرقابي والتشريعي، بالرغم من أن معظم المرشحين حاليا لم يظهروا للناخبين’ بصفة أنهم قادرون أن يكونوا صناعا للقرار في القضايا الحاسمة الاقتصادية والمجتمعية والسياسية، بل حتى إنهم لم يقدموا برامج وطروحات مقنعة وواضحة وقابلة للتطبيق، بحيث تكون معنية بمستقبل الدولة الأردنية وتطورها وبنائها وازدهارها، والتعامل مع كافة قضاياها ومشاكلها.
ولكن للأسف الشديد، فإن المشهد الانتخابي الآن،  يصور لنا،  مجلسا ضعيفا يضم عددا لا بأس به من أعضائه، لا يستطيعون أن يواجهوا مفاصل الخلل، ويقدموا الحلول والإصلاحات.
مجلسا يعاني نقص الخبرة السياسية لإدارة ملفات كبرى تواجه الأردن، خاصة وأن عددا كبيرا منهم ينتخبون للمرة الأولى، وحتى لو كانت للمرة الثانية، حيث كان واضحا أن المجلس السابق ظهر شبه غائب حضورا وتفاعلا في أثناء التحديات الجسيمة التي واجهها المجتمع الأردني بمختلف شرائحه وبمختلف قضاياه.
وبالرغم من ذلك فان المواطن هو المسؤول الأول والأخير، عما ستفرزه الانتخابات القادمة،  والاختيار الصحيح يجب ان يقوم على قدرة المرشح وخبراته في العمل العام، وثقافته ومعرفته بهموم الناس، وتاريخه في خدمة مجتمعه ووطنه.
وإن التوجه إلى الصناديق مصلحة وطنية كبرى وخطوة مفصلية وحدها ستصنع التغيير نحو الإصلاح المنشود،  الذي رسم ملامحه جلالة الملك عبدالله الثاني لمسارات التحديث الثلاثة السياسي والاقتصادي وخارطة طريق تحديث القطاع العام التي أطلقها جلالته مع مطلع المئوية الثانية للدولة الأردنية، وإذا لم نلتزم بذلك فإنه سيصدق فينا قول الشاعر “نصر بن سيار”: أرى تحت الرماد وميضَ نارٍ، ويوشك أن يكونَ له ضرامٌ .

التعليقات مغلقة.