صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الدرعاوي: إعادة هيكلة الرسوم الجمركية أكبر خطأ اقتصادي ارتكبته حكومة الخصاونة في عام 2022

الدرعاوي: النهج الاقتصادي لن يشهد تغييراً جذرياً ورئيس الوزراء الحالي هو جزء من الفريق الاقتصادي على مدى سنوات

الدرعاوي: رفع الضريبة الخاصة ضرورة ملحة لضمان استقرار المالية العامة للدولة

تخفيض الرسوم الجمركية كان له تأثير كارثي على القطاع الصناعي الأردني

مستويات التهريب زادت بشكل ملحوظ بعد تخفيض الرسوم الجمركية

المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الأردني ليست نقص الموارد المالية، بل تتعلق بالإدارة الاقتصادية

أكد الكاتب الاقتصادي الأردني سلامة الدرعاوي أن قرار الحكومة الأردنية في عام 2022 بإعادة هيكلة الرسوم الجمركية وتخفيضها من 16 مستوى إلى أربعة مستويات كان واحداً من أكبر الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبتها الحكومة في السنوات الأخيرة.

وجاء حديث الدرعاوي عبر برامج نيران صديقة والذي يقدمه الدكتور هاني البدري على قناة عمان تي في، مشيرًا إلى أن العديد من الدول حول العالم كانت تتبنى سياسات حمائية لحماية منتجاتها الوطنية، في حين قامت الحكومة السابقة بخفض الرسوم الجمركية دون أي مطالب دولية واضحة.

وأوضح الدرعاوي أن هذا القرار جاء في وقت كانت فيه الصناعات الوطنية تعاني بالفعل من منافسة غير عادلة، خاصة في ظل اتفاقيات تجارية دولية غير متوازنة، وأدى القرار إلى زيادة حجم الواردات، مما أثر سلباً على الشركات المحلية وأضر بقدرتها التنافسية.

وأشار إلى أن هذه الخطوة كانت بمثابة “تنازل مجاني” عن إيرادات كانت الحكومة تستطيع تحصيلها، وأن هذا التنازل جاء لصالح الشركات الأجنبية المستوردة.

تأثير القرار على القطاع الصناعي

وأضاف الدرعاوي أن تخفيض الرسوم الجمركية كان له تأثير كارثي على القطاع الصناعي الأردني، حيث أدى إلى انخفاض إنتاج العديد من المصانع التي كانت تعتمد على حواجز جمركية لحماية منتجاتها من المنافسة الأجنبية.

وأشار إلى أن العديد من المنتجات الأجنبية، وخصوصاً من تركيا، استفادت من هذا التخفيض، ما زاد من حجم الإغراق في السوق المحلي.

وأكد الدرعاوي أن القطاع الصناعي كان يعاني بالفعل من ظروف غير عادلة حتى قبل هذا القرار، بما في ذلك منافسة غير متكافئة من المنتجات المستوردة، وعندما تم تخفيض الرسوم الجمركية، زادت حدة هذه المنافسة، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في أداء المصانع المحلية وتعرضها لخسائر كبيرة.

تراجع إيرادات الرسوم الجمركية والتهريب

من ناحية أخرى، أشار الدرعاوي إلى أن إيرادات الدولة من الرسوم الجمركية شهدت تراجعاً كبيراً نتيجة لهذا القرار.

وأكد الدرعاوي أن مستويات التهريب زادت بشكل ملحوظ بعد تخفيض الرسوم الجمركية، وأن هذا التهريب كان له تأثير سلبي على الإيرادات الحكومية.

واستشهد بمثال قطاع الملابس الذي لم يشهد أي تحسن ملموس نتيجة لخفض الرسوم، بل زاد حجم التهريب في هذا القطاع بشكل كبير.

وأكد أن الحكومة عندما تزيد الضرائب، يزداد التهريب، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تتطلب إجراءات أكثر فعالية في ضبط الحدود والمنافذ الجمركية، وليس فقط الاعتماد على تخفيض الرسوم.

وأوضح أن فترة جائحة كورونا أظهرت أن ضبط الحدود والإجراءات الإدارية يمكن أن تؤدي إلى تقليل التهريب بشكل كبير، حيث انخفضت مستويات التهريب إلى أدنى مستوياتها خلال فترة الإغلاق الكامل.

الإدارة الاقتصادية وليس نقص الأموال هو التحدي الحقيقي

أكد الدرعاوي أن المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الأردني ليست نقص الموارد المالية، بل تتعلق بالإدارة الاقتصادية.

وأوضح أن القرارات الإدارية الخاطئة التي اتخذتها الحكومات على مر السنين كلفت البلاد خسائر مالية كبيرة، وأشار إلى مثال إعادة هيكلة القطاع العام في عام 2011، والذي كلف خزينة الدولة حوالي نصف مليار دينار، وهو رقم يفوق كل خسائر الفساد التي شهدتها البلاد منذ تأسيسها.

وشدد الدرعاوي على أن سوء الإدارة هو العائق الأكبر أمام تحسين الأداء الاقتصادي، داعياً إلى اتخاذ قرارات أكثر حذرًا ومسؤولية، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية.

قرار رفع الضرائب على السيارات الكهربائية والسجائر

تطرق الدرعاوي إلى قرار رفع الضرائب على السيارات الكهربائية والسجائر الذي اتخذته الحكومة قبل مغادرتها بساعات، مشيراً إلى أن هذا القرار كان يجب أن يتخذ قبل عام، حيث أشار إلى أن هذا الرفع كان ضرورياً لتعويض التراجع الكبير في إيرادات الدولة، وخصوصاً من قطاع المحروقات.

وأوضح أن الحكومة تواجه تحدياً كبيراً في توفير إيرادات كافية لتلبية التزاماتها الداخلية والخارجية، وأن رفع الضرائب كان ضرورة ملحة، إلا أنه أكد أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لضمان استقرار المالية العامة للدولة.

الحكومة الجديدة والتحديات الاقتصادية

وفيما يتعلق بالحكومة الجديدة، أكد الدرعاوي أن النهج الاقتصادي لن يشهد تغييراً جذرياً، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الحالي هو جزء من الفريق الاقتصادي الذي عمل مع الحكومة السابقة.

وأوضح أن التحديات التي تواجهها الحكومة الحالية هي نفسها التحديات التي واجهتها الحكومة السابقة، وأن النجاح في التعامل مع هذه التحديات يعتمد بشكل كبير على القدرة على التنفيذ والإدارة الفعالة.

وأشار الدرعاوي إلى أن التوجه العام للحكومة الجديدة سيكون استكمالًا لما تم تحقيقه في الفترة السابقة، وأن المطلوب الآن هو تعزيز الروح الجديدة التي تمثلت في الحكومة الحالية والعمل على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.

خطة التحديث الاقتصادي وخطاب رئيس الوزراء

ولفت الدرعاوي إلى ان خطة التحديث الاقتصادي ، عابرة للحكومات وتتمتع بضمانات ملكية.

وأكد أن هذه الخطة تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، وأن الحكومة الجديدة ملتزمة بتنفيذها بالشكل المطلوب.

وأضاف أن رئيس الوزراء الجديد أكد في خطاباته الأولى على أهمية استكمال العمل على تنفيذ هذه الخطة، معرباً عن أمله في أن تتمكن الحكومة من مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها، وخصوصاً فيما يتعلق بملف الاستثمار والقطاع الصناعي.

ضرورة إصلاح القطاع الإداري

وفي ختام حديثه، شدد الدرعاوي على ضرورة إصلاح القطاع الإداري في الأردن، مؤكداً أن الإصلاح الإداري هو “أولوية قصوى” ويجب أن يكون على رأس جدول أعمال الحكومة.

وأوضح أن القطاع الإداري يعاني من تراجع في الكفاءة والإنتاجية، وأن تحسين أداء هذا القطاع سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني.

واعتبر الدرعاوي أن تعزيز كفاءة الجهاز الإداري هو جزء أساسي من الإصلاح الاقتصادي، وأن الحكومة يجب أن تعمل على تحسين أداء المؤسسات الحكومية وتحديثها بما يتناسب مع التطورات الاقتصادية الحديثة.

التحديات المالية وزيادة المديونية

أخيرًا، أشار الدرعاوي إلى أن الحكومة السابقة، رغم الإنجازات التي حققتها، إلا ان مديونية زادت في عهدها، وهو ما يرجع إلى التحديات الكبيرة التي واجهتها، وخصوصاً خلال جائحة كورونا.

وأوضح أن الحكومة اضطرت إلى زيادة الاقتراض لتلبية احتياجاتها المالية والصحية خلال فترة الجائحة، مما رفع نسبة الدين إلى مستويات غير مسبوقة.

وأكد أن إدارة الدين العام تتطلب حذرًا شديدًا في المرحلة المقبلة، وأنه يجب العمل على تقليل العجز المالي وتحسين الإيرادات من خلال سياسات اقتصادية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الاقتصاد الأردني.

وفي الختام، دعا الدرعاوي الحكومة إلى اتخاذ إجراءات حازمة لإصلاح الاقتصاد الأردني، مؤكدًا أن القرارات الإدارية الفعالة والإدارة الحكيمة للموارد هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية.

 كما دعا إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع الحكومي وضمان تنفيذ خطة التحديث الاقتصادي بالشكل المطلوب لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي في المستقبل.

التعليقات مغلقة.