صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ليست مؤامرات فقط

حين تقرأ المعلومات حول واقع أغلب الدول العربية والإسلامية، تكتشف أن هذه الدول هي الأغنى لكنها الأسوأ حالا، وأغلبها أيضا يواجه تحديات وصراعات.
من الدول العربية التي تعاني من الأزمات والفساد والحروب والاقتتال الداخلي وتسلط الأنظمة والأمن على الشعوب، وصولا إلى الاحتلالات والحروب، وهو ذات الحال الذي تراه في دول إسلامية، من حيث غياب أنظمة الحياة، والتنمية، وتفشي الجهل وقلة التعليم النوعي والعصري، وسهولة التورط في الحروب، وبعضها تحت العقوبات، وبعضها الآخر منهوب، أو ضعيف جدا، يعاني من التقسيمات الداخلية، أو التراجعات، وهذا أمر نلمسه مثلا في إيران، وتركيا، وباكستان، وغيرها.اضافة اعلان
الفكرة هنا لا تتعمد الكلام عن أن العالمين العربي والإسلامي يخضعان لتأثيرات المؤامرات الدولية فقط، لأن المؤامرات قد تكون سببا، لكنها بالتأكيد ليست السبب الأول، حيث لم نر نموذجا حيوياً يمثل تطلعات المنطقة، كما يتوجب، وكأن الحل قيد التفكيك أو الحرق، أو التخريب، ومن المفارقات هنا أن أبناء العالمين العربي والإسلامي، تتبدد ثرواتهم أمامهم، فلا هم استفادوا منها، ولا هم أفادوا غيرهم، وبقي الشك بدور الأعداء هو المسيطر، في إشارة إلى عدم وجود قدرة على تحليل الواقع، والبحث عن سبب هذه الأحوال، التي تكاد لا تختلف بين شعب وآخر.
الاستثمار فقط في المظلومية وبوجود استهداف أمر غير راشد، لأن علينا ألا نبالغ في الكلام عن العدو الذي يستهدفنا، وهذه المبالغة نراها في أحاديث المجالس، وفي أيديولوجيا الحركات العسكرية والدينية، وباتت إرثا متوارثا، دون أن يتحدث أحد عن تشخيص الواقع الداخلي في كل بلد، والذهنية التي تقود المشهد، أو تتفاعل معه، وهي ذهنية تعتقد ان المنطقة برمتها تدفع ثمن هويتها، من جانب قوى عظمى تستهدفها لاعتبارات تاريخية ودينية، ولأسباب تتعلق بالرغبة بالسيطرة على شعوب المنطقة، وثرواتها وإبقائها في الدرك الأسفل من التطور، وهذا الكلام وإن كان صحيحا جزئيا، إلا أن المشكلة الأصلية تكمن فينا أيضا، وليس في عدو وراء البحار، كما يتصور البعض، وهو عدو نتوهمه أحيانا، ولا يمنعنا إصلا من إجادة الزراعة، أو صناعة عود كبريت، أو حتى احترام القانون في قيادة السيارة، ولا يمنعك أيضا، من الحفاظ على موارد بلدك من سرقة الأفراد، قبل الأنظمة، ولا يطلب منك العدو الوهمي أن ترمي نفايات سيارتك أيضا في شوارع مدينتك، ولا يطلب منك أيضا أن تغش في صنعتك، أو عملك، ويمكن تعداد مئات الحالات التي ترتبط بتصرفاتنا.
ليست تبرئة لمن تراه المنظمات والحركات الأيديولوجية والذهنية الشعبية، عدوا ظالما يستهدف العالمين العربي والاسلامي، لكن هذه الطريقة تريح الرأس حين تتهم غيرك بكونه جلب لك نظاما ظالما، يسرق ثرواتك، ولا يمنحك أي شيء، والدليل على أن نصف الأزمة متأصلة فينا أصلا، عدم استعدادنا لتغيير ذهنيتنا إلا بذات الوسائل التي ثبت عدم نجاحها، وفي الوقت الذي تصل فيه شعوب العالم إلى الكواكب، وتوظف الذكاء الصناعي، ما زلنا بذات طريقتنا، ولا نلمح أي محاولات للخروج من هذا الواقع، وبحيث لم نعد عالما ثالثا، وربما أصبحنا عالما ثامنا.
قلب اللوم وتوجيهه إلى أهل المنطقة، فيه من جهة ثانية تطاول عاطفي على هويتنا، وبين اتهام عدو خارجي بالتآمر علينا، أو رد الأسباب إلى المنطقة، لا بد من طريق ثالث يعيد تشخيص الأزمات، ويضع الحلول، بدلا من اتكاء أغلبنا على سردية اتهام الآخرين فقط، فيما يتطور الآخرون، ونتراجع نحن تحت عناوين متعددة ومتناقضة.
إذا بقينا هكذا فإن المستقبل سيكون ثقيلا ومؤذيا، وأصعب بالتأكيد.

التعليقات مغلقة.