ترامب في المنطقة.. فرصة لا تفوت
وسائل الإعلام تعج بالتوقعات والتكهنات بشأن زيارة الرئيس الأميركي لدول في المنطقة، وتحديدا السعودية. التصريحات الأميركية، ومن ترامب نفسه، رفعت سقف التوقعات. أكثر من مسؤول أميركي أعلن أن الرئيس سيعلن عن خطة أميركية لتقديم المساعدات لغزة، عبر مؤسسة”خيرية” يعتزم تأسيسها في القطاع، واقتراح لوقف إطلاق النار يضمن إنجاز صفقة تبادل الأسرى.
المقترح الأميركي يتضمن إدارة مدنية مؤقتة للقطاع مع بقاء المسؤوليات الأمنية بيد جيش الاحتلال. عناصر الخطة بالكامل ليست واضحة بعد، بانتظار إعلانها رسميا مع وصول للمنطقة.
في كل الأحوال زيارة ترامب في غاية الأهمية للدول الثلاث؛السعودية وقطر والإمارات. الرئيس الأميركي يطمح لإبرام صفقات ترليونية، وهو يدرك أن الطريق لإنجازها يتطلب تقديم مواقف تستجيب لبعض المطالب العربية فيما يخص الحرب في غزة ومستقبل القضية الفلسطينية.
هذا التوجه يثير خلافات واضحة بيت ترامب ونتنياهو، مثلما الحال في الملف الإيراني الذي اختار ترامب طريقا دبلوماسيا للتعامل معه يتناقض تماما مع توجهات حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.
الخلافات في هذا الصدد بين الطرفين ليست بسيطة، ونتنياهو غاضب بشدة من عدم شمول تل أبيب بجولة ترامب، ناهيك عن قلقه من مقترح يمكن طرحه بخصوص غزة، لايخدم أجندته.
يتعين على حركة حماس أن تستثمر في هذا الخلاف، وتتجنب رفض مقترحات ترامب بشكل مطلق. ليس هناك بديل لهذه الخطة. أعرف أن هناك خطة عربية لليوم التالي في غزة، لكنها لا تملك حظوظا لتنفيذها. إسرائيل ترفضها، وواشنطن غير متحمسة لها، والاتحاد الأوروبي الداعم الرئيس لا يملك نفوذا لفرضها.
البديل الوحيد لمقترحات منتظرة من الرئيس ترامب، هو اجتياح بري جديد واسع النطاق، تخطط إسرائيل لتنفيذه في غزة، لحظة إقلاع طائرة الرئيس الأميركي من المنطقة. ينبغي على حماس أن تظهر نكرانا أكبر للذات، من أجل أكثر من مليوني معذب في القطاع.
بيد حماس ورقة الأسرى، هذا صحيح، وهي ورقة مهمة بالنسبة للإدارة الأميركية أكثر منها لحكومة المتطرفين في إسرائيل، لكن مقابل 59 إسرائيليا بينهم 24 على قيد الحياة، فإن إسرائيل تأخذ كل سكان القطاع رهائن بحرب التجويع والقتل والتدمير المستمرة. وفي كل يوم تقتل من أبناء قطاع غزة ما يعادل عدد أسراها لدى حماس. ملف السلاح على سبيل المثال، لايستحق أن يوضع كشرط مقابل حياة سكان القطاع. ليس لدى كتائب القسام أسلحة نوعية تستحق أن تفاوض عليها، أو أن يكون التنازل عنها عقبة في طريق وقف لإطلاق النار.
حكومة نتنياهو الشريرة لا تريد وقفا لإطلاق النار، وهذا محل خلاف واضح مع إدارة ترامب التي سئمت ألاعيب نتنياهو وكذبه، وهي على ما يبدو مستعدة لممارسة ضغوط عليه لإنجاز الصفقة ووقف إطلاق النار.
وكان مفاجئا للكثيرين أيضا أن متحدثا باسم السلطة الفلسطينية، خرج ليرفض مقترح ترامب، رغم عدم إعلانه رسميا. السلطة حالها كحال حماس ليس لديها ما تخسره بعد حدث في القطاع والضفة الغربية، فلماذا لا تفكر بطريقة عقلانية لكسب الجانب الأميركي بدلا من دفعه لليأس من فرص الحل وترك الملف في عهدة إسرائيل، لتفعل ما تشاء في غزة وفي المنطقة برمتها.
التعليقات مغلقة.