صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أمور متعارضة في تفكير الأردنيين

0

تسود الأردنيين حالة من التفكير المتعارض يحملونه في حياتهم وتفكيرهم، فهم يحملون أشياء إيجابية عن بلدهم وأشياء سلبية عنه ايضا، فهم مثلا يقدرون حالة الأمن والامان الذي يتمتعون به، وكذلك لا مجال للشك في قبولهم المطلق والمؤيد للقيادة الهاشمية، وتقديرهم لدورها في تجنب المصاعب والفوضى والحروب التي مرت في المنطقة وعصفت بعدة دول عربية وشردت الناس ودمرت البنى التحتية وأجزاء من المدن والقرى. كما يقدر الأردنيون تماسك مؤسسات الدولة من جميع النواحي وحصولهم على الخدمات الصحية والتعليمية والنقل والتعليم بالإضافة إلى إحترام دور المؤسسة العسكرية والامنية.
وياتي من الجانب الآخر المعارض في الجوانب السلبية فيما يواجهه الأردني من مواضيع هامة مثل الشأن الإقتصادي وصعوبته، وشكوى قطاعات مختلفة من مصاعب تواجهها وكساد يصيبها في الزراعة والسياحة والتجارة، وشكاوى من أصحاب المحلات التجارية حول تصرفات موظفي البلديات وخاصة البلديات الكبرى مع المتعاملين معها، ومن ذلك تأخر معاملات المواطنين في هذه المؤسسات، بل وحتى في مجاهرة بعض موظفيها بطلبات الرشوة وارتفاع ارقام المبالغ المطلوبة التي اصبحت تذكر للمراجع بدون خجل ولا مواربة.
كما ويأتي في قائمة السلبيات ما يحمله المواطن من حالة تمثل العزوف عن التحدث في الموضوع النيابي، والتي من اسبابها أولا عدم الإعلان عن موعدها حتى الآن، وثانيا عدم ثقة المواطنين بأغلبية النواب الحاليين، وثالثا عدم ثقتهم بجوانب العملية الإنتخابية في التجارب السابقة في الدورات الإنتخابية دون الخوض في ذكر التفاصيل.
إن الجزء المعارض في تفكير المواطن الأردني لا يجد له متنفسا إيجابيا، فالأحزاب التي يمكن ان تكون منبرا له لطرح النقاشات فيها موجودة، ولكنها مؤسسات غير فاعلة وغير مؤثرة في تشكيل الحكومات ولا في عدد أعضائها في البرلمان، مما يجعل المواطن بعيدا عن الإنضمام لها والبوح بمكنوناته لها، ومن ثم عدم ترجمة شكاوي الناس إلى برامج عمل منتجة يمكن أن يقبل بها المواطن وتدفعه لأن يتمسك بها، وعدم فاعلية الاحزاب له تأثير سيء على تركيبة المجتمع ، حيث تتحول الملاحظات إلى إنتقادات فردية للحكومة أو الشخصيات العامة وربما المساس بسمعتهم الشخصية (إغتيال شخصياتهم) وإلى الدولة وربما رموزها ككل.
إن ثقة الأردنيين في جوانب من شؤونهم، وعدم ثقتهم في جوانب أخرى يجعل آلية العمل للدولة والمواطنين تسير بشكل غير مستقيم (موارب) وكأننا نشبهها بسيارة سليمة من جانب ومعطلة أو غير صالحة في جانبها الآخر، وبالتالي فمن الصعوبة أن تستقيم في مسيرتها.
سيبقى السؤال المهم هو في كيف نتطلع ونمضي مستمرين في بناء الدولة الاردنية التي يمكن تعظيم جوانب قوتها، ومعالجة جوانب الضعف او السلبيات فيها وضمن مشاركة جماعية من المواطنين مما يكسبها منعة وقوة أكبر.
في ذكرى الاعياد الوطنية من عيد الإستقلال ومئوية الثورة العربية وعيد الجيش فإن من المجدي بأن نذكر بان الأردنيين ودولتهم قد سجلوا جوانب اقرب إلى الإنجازات الهامة الكبيرة ، وهي إنجازات اقرب للمعجزات في ظل الظروف والأوضاع التي أحاطت ببلدنا، ويجب أن يسود الإعتقاد اولا بقدرتنا على تجاوز المصاعب الإقتصادية، وكذلك بقدرتنا على إعادة الحيوية والنزاهة للقطاع العام، بالإضافة لقدرتنا على تحسين قطاعات النقل والخدمات البلدية والصحية، ومن ثم قدرتنا على وضع برامج تفصيلية في كل قطاع لكي تسهل النجاح في ما نتمنى تجاوزه، وأن لا تكون الحكومة فقط هي المخطط وهي المحرك وهي جهة المراقبة والمتابعة لأمور البلد، وبالتالي ان يتم ذلك بوجود القدرة في الرقابة والتشريع والمحاسبة في البرلمان الناتج عن المشاركة الشعبية الواسعة مثلا.
الأردن كدولة، قصة جميلة يجب أن تستمر بنجاح وبإرادة صلبة من الاردنيين وبمشاركة أعلى منهم في الشأن العام، وضمن قناعة يجب أن تترسخ بأنهم يمثلون مع قيادتهم تركيبة ناجحة للمستقبل وللأمان.
حمى الله الاردن،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.