صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ازدواجية التعامل المالي

0

ماذا يعني ان يكون هناك اكثر من 670 مليون دينار اموالا عامة مستحقة للخزينة منذ عقود ولم تحصل لغاية الان ؟.

هذا يثير تساؤلا حقيقيا حول الآليات المتبعة في عمليات التحصيل للخزينة ، فالبعض يرى ان التشدد الحاصل يطال فقط الملتزمين والمسجلين لدى سجلات وزارة المالية ، وان هناك تراخيا في تحصيل عشرات الملايين منذ عقود.

قد يكون هذا تحليلا منطقيا بدليل تراكم تلك الاموال التي تصل قيمتها الى مليار دولار تشكل ما يقارب ال10 بالمائة من موازنة الدولة، وهو الامر الذي يتطلب من المعنيين الوقوف جيدا عند هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤثر سلبا على ايرادات الخزينة من جهة ، ومؤشرا على سوء عدالة التعامل المالي الرسمي من جهة اخرى.

لا احد يسمع عن جهود الحكومة لتحصيل تلك الاموال الا في مواسم محددة مرتبطة اساسا بوضع مالي صعب تعاني منه الخزينة، تكون بامس الحاجة الى كل فلس، حينها تبدا الحكومة بفتح الملفات القديمة في ادراجها ومنها الاموال المستحقة على المواطنين منذ عقود ، وهذا الاسلوب في الحقيقة غير مجد على الاطلاق ، لانه يشبه الاستجداء وليس بتحصيل حقوق الخزينة.

في المقابل تجد الاجهزة المعنية على اهبة الاستعداد لتحصيل اموال الخزينة و الزام المكلفين المسجلين لديهم بشتى انواع الابداع في التحصيل وفرض الضرائب والرسوم واستحداث ما لا يخطر على عقل احد منها ، مقابل تساهل « بقصد او بدونه» لملايين من الدنانير المستحقة للخزينة منذ اعوام.

طبعا هذه الازدواجية في التعاطي المالي مع فئات المجتمع وقطاعاته تجعل يد الحكومة تمتد الى الطرق الاسهل في توفير ايرادات مالية سريعة لها ، وهي حصر عمليات فرض الضرائب والرسوم وتحصيلها على القطاع الخاص لديها ، مما يجعل انشطته واعماله مهددة بالخطر نتيجة تحمله وزر الغبن في التحصيل المالي في المجتمع.

القطاع الخاص في الاردن عانى الكثير في السنوات القليلة الماضية وتحمل بمسؤولية عالية الى جانب الحكومة كل التحديات التي تعصف بالاقتصاد الوطني ، ولولا صموده وروح المسؤولية العالية التي يتمتع بها لما تحقق الاستقرار المنشود في الاقتصاد ، لكن على الحكومة ان تنظر بمرونة عالية لتلك المسؤولية وان تتجنب الاستمرار في الضغط المباشر وغير المباشر عليه، لان تراجعه بالتاكيد سينعكس سلبا على الخزينة والمناخ الاقتصادي العام في البلاد، وهذا لا يكون الا من خلال الشراكة الحقيقية والمسؤولة تجاه العملية التنموية في المملكة.

(نقلا عن الرأي)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.