صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النمو في مشروع موازنة 2018

أي خطة مالية للدولة تقاس فاعليتها بالنتائج النهائية لها، والتي من المفترض دستوريا أن يقيمها مجلس النواب صاحب الولاية في إقرار قانون الموازنة.
على ضوء مشروع قانون موازنة 2018، يتوقع أن ينمو الاقتصاد الوطني بمعدل 2.4 بالمائة، مما يدلل على استمرار حالة التباطؤ الاقتصادي التي تخيم على اقتصاد المملكة، الاقتصاد الذي بات أسيرا للمتغيرات الداخلية والخارجية أكثر من ذي قبل.
في هذا الصدد أعدت الحكومة خطة للتحفيز الاقتصادي، تهدف أولا وأخيرا حسبما هو معلن أن تنهض بمسألة النمو الاقتصادي إلى مستويات عالية تكون قادرة على تحقيق تنمية حقيقة تنعكس على المواطنين إيجابا في مختلف قطاعاتهم الإنتاجية.
واضح أن العام الحالي الذي شارف على الانتهاء لن تتجاوز معدلات النمو خلاله في أفضل تقديراتها 2.2 بالمائة، ما يستدعي تساؤلا منطقيا حول تقدير الحكومة للنمو في العام المقبل بالتزامن مع السير بتنفيذ خطة التحفيز الاقتصادي التي من المفترض أن يكون تطبيقها يرفع النمو لا أن يحافظ عليه، ويبقيه عند مستوياته المتواضعة التي تقدر ب2.4 بالمائة.
هنا ننتقل إلى العمود الفقري للنمو في الموازنة، وهو النفقات الرأسمالية التي تقدر في موازنة2018 ب1.153 مليار دينار، والسؤال الذي يطرح حول هذا الأمر هو أن حجمها مازال مرتفعا من الناحية الرقمية المطلقة، لكن انعكاسها على النمو ضعيف للغاية، ما قد يُفسر على أن غالبية مخصصات النفقات الرأسمالية موجه لمشاريع لا تولد قيمة مضافة عالية على الاقتصاد الوطني.
الواقع إن هذا الرقم يحتاج إلى تمحيص وتدقيق إذا ما علمنا أن هناك مشاريع بقيمة 235 مليون دينار هي مشاريع مستمرة منذ أعوام، ومشاريع قيد التنفيذ بقيمة 671 مليون دينار، والمشاريع الجديدة لا تتجاوز ال 246 مليون دينار، وهي تشكل ما نسبته 26 بالمائة تقريبا من إجمالي المشاريع الرأسمالية، وهذا الأمر هو الذي له علاقة مباشرة برفع وتيرة النمو الاقتصادي، ويفسر مدى التحديات التي تواجه الحكومة في الوصول إلى النمو المستهدف في ظل ضعف ومحدودية المشاريع الرأسمالية الجديدة.
للحكم على نجاح وفاعلية بند المخصصات الرأسمالية في الموازنة نعتمد على عدة محاور أهمها قدرة المشاريع المرصودة على تشغيل عمالة محلية، ومدى اعتمادها على استخدام مدخلات إنتاج محلية الصنع والمنشأ، وقدرتها على زيادة الصادرات الوطنية، وجذب عملات صعبة للخزينة، ومدى استخدامها تكنولوجيا جديدة تساهم فيما بعد بتعزيز ثقافة الابتكار والإبداع.
هذه هي معايير نجاح المشاريع الرأسمالية في الموازنة، وغير ذلك تبقى مشاريع هامشية قد تكون كلفها التشغيلية فيما بعد أكبر بكثير من كلفها الحقيقية التأسيسية هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن عدم إنجاز بند المشاريع بالشكل المقدر في الموازنة وترحيله على سنوات مقبلة وعدم دخول مشاريع جديدة بشكل كبير ضمن مخصصات النفقات الرأسمالية، يجيب على التساؤلات حول ضعف النمو الاقتصادي في المملكة رغم أن الموازنة خصصت ما يزيد على ال1.15 مليار دينار، ومع ذلك فإن النمو لا يتجاوز ال 2.4 بالمائة.
لا شك أن هناك عوامل أخرى أثّرت على النمو تتمثل في وجود ما يزيد على 1.4 مليون سوري و900 الف مصري و550 الف عراقي و220 الف اسيوي، وكلهم يولدون ضغوطا كبيرة على الاقتصاد الأردني ناهيك عن التحديات التي تعصف بالقطاع الخاص الذي تأثر سلبا بالإجراءات الحكومية الجبائية في السنوات القليلة الماضية من جهة وتداعيات الوضع الإقليمي من جهة أخرى.

سلامة الدرعاوي
سلامة الدرعاوي

[email protected]

التعليقات مغلقة.