صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هدر المال العام

0

اتخذت الحكومة في وقت سابق قرارا يقضي بمراقبة السيارات الحكومية وطرق استعمالها خارج أوقات الدوام الرسمي، وتكون المراقبة بواسطة اجهزة “جي بي ار اس” الحديثة التي تستطيع ان تحدد مكان تواجد السيارات الرسمية.

الخبر كان مفرحا للمواطنين الذين يرون ان هناك سوء استخدام فاضح من قبل غالبية مسؤولي الدولة للسيارات الحكومية، وكأن الدولة ملزمة بأن توفر لكل مسؤول عددا من السيارات الرسمية مع سائقيها لتلبية خدمات المسؤول وعائلته الكريمة.

للأسف عملية التطبيق على أرض الواقع تختلف كليا عن التنظير، فالحالة لم تتغير، والسيارات الحكومية تجول وتصول في عمان بكل الاوقات دون رقيب او حسيب.

كما قدمت الحكومة العام الماضي انجازا تشريعيا مهما عندما انجزت قانون الكسب غير المشروع، وليستبشر المواطنين خيرا بهذا الامر الذي اعتبر خطوة مهمة في طريق مكافحة الفساد.

الامر مشابه ايضا لما حدث في اجراءات السيارات الحكومية، فلا جديد في القانون الذي لم يعد على اولويات العمل العام بالنسبة للحكومة ومجلس النواب، فمشروع القانون على حاله دون ان يقابله اي تحرك من اي جهة كانت، ويجري العمل على تخدير الحديث عنه من قبل أي جهة كانت.

هذان مثالان صارخان على مسألة التهاون في مراقبة الهدر المالي الذي اصاب كثيرا من عمليات الانفاق في اجهزة الحكومة المختلفة، ومثالا واضحا على التسيب في تعاطي الحكومة مع القضايا الرقابية التي تهم الشارع ويطالب بها لأنها تمس أسس الاصلاح المالي الحقيقي للخزينة.

لا يمكن الاعتماد على جيب المواطن لحل ازمة عجز الموازنة كما فعلت الحكومات السابقة، بل يتطلب الامر اجراءات فعلية حكومية تضبط سلوكياتها الانفاقية بشكل يتلمسه المواطن، وفي هذا المجال لا بد من توضيح حالات الهدر الإنفاقي التي حصلت في معظم سلوكيات العمل العام في السنوات الاخيرة للرأي العام، حيث ما تزال الموازنة العامة تدفع ثمن ذلك.

الهدر المالي اصاب معظم القطاعات بلا استثناء، والمواطن ينظر الى تلك البؤر الانفاقية، على اعتبار انها قنابل موقوته لا بد من التخلص منها ومحاسبة المتسببين بوضعها.

لا يعقل ان تخصص الحكومات السابقة اكثر من 500 مليون دولار لبرنامج التحول الاقتصادي من أجل تعزيز التنمية ومحاربة الفقر والبطالة، ثم تخرج علينا نتائج التقييم بأن نسبة الانجاز الفعلي العائد من تلك الاموال لا تتجاوز 17 بالمائة مما انفق، أي أن هناك اكثر من 400 مليون دولار صرفت دون اوجه تنموية حقيقية ودون أي فائدة، فمن هو المسؤول عن ذلك؟.

كيف يمكن تفسير سلوكيات العديد من المؤسسات المستقلة بتحويل فوائضها المالية المقررة للخزينة الى مشاريع تنفذها بشكل مباشر بعيدا عن التخطيط التنموي للدولة، ما أضعف ايرادات الخزينة من عوائد تلك المؤسسات التي كانت في سنوات قليلة خلت تدر على الخزينة اكثر من 126 مليون دينار سنويا؟، مثل ما حدث في مؤسسة المواصفات والمقاييس التي شيدت بناء فاخرا لمختبراتها في منطقة دابوق الراقية.

مشاريع كبرى جرى تشييدها، وتم منح المستثمرين أراضٍ وتسهيلات حيوية، ثم تبين وجود عوائق قانونية وادارية تحول دون استكمال تلك المشاريع مثل قرية بوابة الاردن على شارع المطار والتي اقيمت على اراضي معرض عمان الدولي آنذاك.

حتى مشاريع داخل الموازنة العامة تم إدراجها بشكل غريب عجيب كلفت خزينة الدولة ملايين الدنانير لاقامتها وامتدت لسنوات استنزفت خلالها الموارد المالية، مثل ما حدث في رصد بعض الطرق والجسور التي تم انشاؤها في وقت لا لزوم لها أبدا من كل الجوانب خاصة المادية منها.

محاسبة من أهدر مال الاردنيين، وكشف ذلك للرأي العام، يطوي صفحة جديدة من علاقة الحكومة بمواطنيها، ويؤسس لمرحلة من الشفافية والنزاهة في التعاطي مع القضايا العامة بروح المسؤولية الوطنية.

[email protected]

Salamah.da[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.