صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أزمة الكهرباء.. هل يستعين النسور بصديق؟

0

كان الارتباك واضحا في حديث النسور أمام النواب مدافعا عن قرار حكومته بالاستمرار برفع أسعار الكهرباء، فلم يقتنع أعضاء مجلس النواب بوجهة نظره أبدا، على العكس كانت ردة فعلهم عكسية، مشككين في كل أرقام الحكومة، لا بل إن بعضهم وصفها بـ”المضللة”.
منطق النسور مع النواب هو المنطق ذاته، الذي استخدمه قبل عامين في الجلسة، التي خصصت لرفع أسعار الكهرباء، تنفيذا لاتفاق الأردن مع صندوق النقد الدولي، ونتيجة منطقية لارتفاع أسعار النفط العالمية وتجاوزها 100 دولار للبرميل، وتنامي خسائر شركة الكهرباء 4 مليارات دولار في ذلك الوقت، لذلك كان تمرير القرار، حينها، يستند إلى أسس منطقية وواقعية فرضتها ظروف اقتصادية غير مسبوقة.
منطق النواب الرافض لرفع أسعار الكهرباء هو المنطق ذاته، الذي استند عليه النسور وقت الرفع، والذي تعهد، حينها، بتحرير الأسعار وتخفيضها في حال تراجعها عالميا؛ فالنواب يرون أن انخفاض أسعار النفط بأكثر من 50 بالمائة منذ شهر حزيران الماضي، هو هبة من الله على الأردنيين، الذين انكوت جيوبهم من جنون أسعار النفط، وأن الوقت حان ليرتاحوا قليلا من شد الأحزمة ودفع فاتورة الغلاء وارتفاع الأسعار من دخولهم المحدودة، وأن الحكومة باتت تحقق اليوم، بالتعرفة المعمول بها حاليا، أرباحا طائلة وغير مسبوقة، حتى في ظل الدعم المزعوم للقطاع المنزلي، فباقي القطاعات الاقتصادية تشتري الكهرباء بأضعاف كلفتها الحقيقية، ناهيك عن الضرائب المفروضة على القطاع والتي تعتبر من الأعلى في العالم.
تحذير الرئيس للنواب من عدم السير ببرنامج رفع أسعار الكهرباء كان متداخلا وغير مفهوم؛ فالرئيس “ضرب أخماسا بأسداس”، وأدخل المفاهيم ببعضها البعض، لعله يوهم النواب بصحة قراره، فتارة يتحدث عن عجز الموازنة، وأخرى يتحدث عن المؤسسات المستقلة، وبعدها يتحدث عن فرضيات الموازنة، وبعدها يتحدث عن مخصصات الدعم، وعن خسائر شركة الكهرباء، التي، بحسب حكومة النسور، تتنامى لا تنقص، حتى لو جاء النفط مجانا، ثم يلجأ للتهديد المبطن وإلقاء المسؤولية على الآخرين، حاملا عصا المؤسسات الدولية والمانحين، قائلا إن المساعدات في خطر، في حال عدم رفع أسعار الكهرباء، وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق، فالمؤسسات الدولية تطالب الأردن بالوصول إلى مؤشرات مالية محددة، ولا تطالبه بقرارات معينة، كما يصور الرئيس، الذي يحاول تكرار فعلته سابقا مع الأعيان في قانون الضريبة ، عندما قال إن المنح الخارجية ستتوقف في حالة عدم إقرار القانون قبل نهاية العام 2014
لكن النسور لم يطلع النواب على المبررات الاقتصادية للاستمرار برفع أسعار الكهرباء، في ظل انخفاض أسعار النفط العالمية دون 50 دولارا للبرميل، ولم يشرح أسباب بناء موازنته على افتراض أن سعر برميل النفط 100 دولار، وكل دول العالم أعادت حساباتها المالية وبنت موازناتها على أرقام واقعية، حسب السوق! ما هو المنطق الذي دفع الرئيس للتخطيط المالي على أسس افتراضية خاطئة لم تعد خافية على أحد؟ ولماذا يضع مخصصات دعم للمحروقات والتعويض النقدي في الموازنة وهو يعلم أنه لن يقوم بدفعها؟ ولماذا يواصل الاقتراض في العام 2015 بنفس وتيرة الأعوام السابقة؟
النواب باتوا مقتنعين بالنهج الجبائي لحكومة النسور، والذي لم يعد قادرا على إملاء رغباته عليهم كما في السابق؛ فالأمر بات مكشوفا وواضحا، لذلك طلبه مهلة الأسبوع للنواب لدراسة قرار الكهرباء هو بالأصل مهلة له لبحث خياراته للتخلص من مسألة “كسر العظم”، التي دخل بها مع المجلس، فهو يحاول الاستعانة بجهات عليا للضغط على النواب لتمرير قرار حكومته، أو مساعدته في الوصول إلى حلول وسطى تنقذها، لكن من المعروف هذه المرة أن أحدا لن يتدخل لإنقاذ حكومة النسور من هذا المأزق؛ فالتوجه أن يواصل الرئيس حواره مع النواب وأن “يقلع شوكه بيده”.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.