صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأسهم أكثر تكلفة والدولار القوي يبحث عن دور

0

أيام التداول القليلة الأولى من عام 2015 جلبت رسالة متباينة بشأن الأسواق المالية. لقد بدأ العام بانخفاض لمدة خمسة أيام في وول ستريت قبل أن تعكس البورصة مسارها وترتفع.
لكن مع تحقيق المستثمرين في الأسهم أرباحا في عام 2014 الذي كان عاما متقلّبا، لكنه حميدا في النهاية، حلت مشاعر اللبس محل القناعة المتفائلة. تلك القناعة كانت تستند إلى حد كبير إلى التعهد باستمرار أسعار الفائدة الصفرية في الولايات المتحدة وتطبيق مزيد من برامج التسهيل الكمي في أوروبا واليابان. لكن، فجأة، أصبح دعم البنوك المركزية غير كاف.
في بعض النواحي هذا الشعور باللبس له ما يبرره. الأموال السهلة لطالما كان لها حدودها: لا توجد سياسة يمكن أن تؤدي إلى أسعار أصول ترتفع دون توقف، سواء كانت هذه السياسة محدودة أم لا. لكن بعض المخاوف الكبيرة التي تزيد من توترات السوق هي مخاوف مبالغ فيها، لا سيما تلك التي تتعلق بأسعار النفط والانكماش. وهناك مخاوف أخرى يتم التقليل من أهميتها، خاصة المخاوف من أن أسعار الأسهم لا تتماشى مع الأساسيات، مثل الأرباح، وأن احتمالات النمو في الولايات المتحدة أقل قوة مما تشير إليه التوقعات.
صدمة النفط هي الخوف الأول الكبير الذي يرعب الأسواق، لكن الآثار الإيجابية ينبغي أن تفوق السلبية. صحيح أن التراجع بنسبة 50 في المائة في تكلفة برميل النفط تُلحق الضرر بأرباح شركات الطاقة. وسيؤدي إلى إعسار الشركات في سوق السندات ذات العوائد العالية، وهي السوق التي تُصدر فيها شركاتُ الطاقة البديلة سنداتها. وفي الواقع، تعتقد “جيه بي مورجان سيكيوريتيز” أن 40 في المائة من هذه الإصدارات يمكن أن تتخلف عن السداد بحلول عام 2017، إذا بقيت أسعار النفط دون 65 دولارا. وبما أن مجموعات الطاقة هذه تمثل نحو 17 في المائة من كافة الجهات المُصدّرة، هذا قد يؤدي إلى مزيد من الابتعاد عن المخاطر في السوق بشكل عام.
ربما يكون هناك مزيد من تأثيرات الجولة الثانية التي تعمل على زعزعة الاستقرار. مثلا، ليس واضحاً ماذا ستكون العواقب المترتبة على تراجع عوائد النفط من حيث تدويرها. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، مع احتياطياتها الأجنبية البالغة تريليون دولار، من غير المرجح أن يكون الأمر ذا أهمية كبيرة. كذلك عوائد نفط أقل تذهب إلى سندات الخزانة الأمريكية لن تكون مشكلة – كثير من الناس الآخرين سيرغبون فيها. لكن بالنسبة للجزائر أو نيجيريا أو فنزويلا، أو حتى روسيا، قد تكون هناك آثار أكثر خطورة.
بالنسبة للآخرين، خاصة أولئك الذين يعيشون في عالم الدولار وبالتالي يحصلون على الفائدة الكاملة من انخفاض أسعار النفط، نقل الدخل من مُنتجي النفط إلى مستهلكيه أمر جيد. فهو يدعم الاستهلاك في الولايات المتحدة بشكل فاعل أكثر بكثير من سياسات الاحتياطي الفيدرالي.
الخوف الثاني المبالغ في تقييمه، الذي جعل الأسواق ترتعش على الأقل بشكل متقطع، هو احتمال حدوث انكماش. هناك عدد يفوق الحد من مختصي الاقتصاد الذين جاءوا بالحجة القائلة إن جميع الانكماش سيئ. في الواقع، ليس بالضرورة أن يكون الانكماش فظيعا بالنسبة للجميع. فهو يزيد الدخل الحقيقي، مع أن ذلك يعتبر أمراً سيئاً بالنسبة للمقترضين أكثر مما هو للمدّخرين، لأنه لا يمكنهم الاعتماد على التضخم لإضعاف العبء الحقيقي للسداد.
علاوة على ذلك، كثير من الانكماش في العالم اليوم يأتي من الإنجازات التكنولوجية وعوامل التقدم في الإنتاجية التي قلصت تكلفة عديد من الأشياء، الأمر الذي ينبغي أن يكون عاملاً إيجابياً آخر بالنسبة للأسواق.
إضافة إلى ذلك، في الوقت الذي يكون فيه لدى العمال قوة تسعير قليلة، وبالتالي يرون القليل من نمو الأجور، فإن الانكماش أفضل من التضخم الذي من شأنه زيادة إضعاف القوة الشرائية. هذا هو السبب في كون سياسات شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني، خطيرة: معدل تضخم مرتفع لكل شيء، باستثناء الأجور، وعدد سكان أقل ومن كبار السن يعني أن الطلب المحلي في اليابان لا مجال أمامه إلا أن يتقلّص. مع ذلك، مزيج أسعار النفط المنخفضة والانكماش المتفاقم لا يعني أن العالم مكان حميد الآن أكثر مما كان عليه في الأعوام القليلة الماضية. المخاوف بشأن قوة وجودة النمو في الولايات المتحدة، واستدامة مكاسب البورصة هي بالتأكيد مخاوف مبررة تماما، لكن تم التقليل من أهميتها. البيانات نهاية العام تُشير إلى أن الشركات في الولايات المتحدة لا تستثمر في أعمالها.
ويلاحظ مختصو الاقتصاد في “جيه بي مورجان” أن نمو الإنفاق على المعدات التجارية في الولايات المتحدة تعثّر في الربع الرابع. ويقولون “نحن نخفض توقعاتنا لنمو النفقات الرأسمالية إلى صفر”.
علاوة على ذلك، في عام 2013 مكاسب البورصة لم تكُن لها علاقة بأرباح الشركات، لكنها في عام 2014 كانت أكثر انسجاماً. المفتاح لإنتاج الزيادات في المقاييس الرئيسية كان إما من خلال عمليات الدمج لشراء النمو، وإما من خلال عمليات إعادة شراء الأسهم (بارتفاع نسبته 25 في المائة في الربع الثالث من عام 2014 عن الربع السابق). نمو الأرباح سيكون بعيد المنال في المستقبل، في حين إن أسعار الأسهم تبدو أكثر تكلفة بكثير مقابل نمو الأرباح الضعيف. نظرة الإجماع التي تظل معقولة هي قوة الدولار. وسيكون التحدي هو التوصل إلى معرفة الأماكن التي توضع فيها هذه الدولارات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.