صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خبز ‘الدار’

0

ليس بوسعنا الا ان ندين السلوك ” المجاعي” الجماعي الذي هبّ على اسواق البلد قبل ان تهب اولى رياح العاصفة الثلجية الاسبوع الماضي ، ما شاهدته بأم عيني وسمعته من قصص واقعية من الناس يفوق كل الكلمات..فأحد العاملين بالمخبز روى لي صباح الخميس أن احدهم اشترى “ليلة الهبوب” خبزاً بــ12 دينارا أي ما يعادل 60 كيلو بينما المشتري كله لا يتجاوز وزنه الــ55 كغم..ناهيك عن الهجوم على الكعك وخبز الحمام والشراك وصابون جلي جولدن ومنظف الزجاج “ايزي” ومطاط السراويل وخيطان التلحيف وغيرها من الكماليات..وهذا يدلّ على ان معظم الشعب لا يستطيع ان يتحمل حصار “ضبُع” على الحدود وليس قوى او دول لا سمح الله..كل هذا التحوط والجنون من أجل ثلجة؟ …كان الله في عون غزّة اذن!..

بالمقابل ومن باب الانصاف ، لا نستطيع ان نلقي اللوم كل اللوم على المواطن بهذا السلوك المرعوب..فهو ان أقبل على الشراء المسبق ملام من الجهات الرسمية ودعوه الى عدم التهافت..واذا خرج بالثلج ليشتري زاده اليومي ملام من نفس الجهات تحت عنوان “شو مطلّعك”.. ماذا يفعل اذن؟..ثم الا تلاحظون ان خلو البيوت من المونة والطحين تحديداًَ كان جزءاً مهماً من الأزمة..منذ ان منعت الحكومات السابقة بيع الطحين للمواطنين بحجة التهريب واقتصار ذلك على المخابز بكوتات محددة، وصار المواطن يعتمد على “خبزه” و”غموسة” بما تجود عليه المخابز والدكاكين..لم يعد لدينا غرفة خزين ، لم يعد لدينا طحين وبرغل وعدس وباميا منشفة وملوخية مفروكة وفاصوليا بيضا وفريكة، لم يعد لدينا سوى الخلويات و”اللاب توبات” وبكميات تجارية ..يا أخي حتى النملة تخبىء قوت شتائها في اواخر صيفها أما نحن لم نعد نفعل..

أنا فلاح ابن فلاح ابن فلاح..لم ينقطع الطحين من بيتنا طيلة حياتي الا في آخر خمس سنوات..كانت امي رحمها الله تخبز لنا في الطوارىء على الصاج ، وفي الظروف العادية على الطابون ثم اقتنينا في أواخر التسعينات فرن حديدي للخبز وللصواني… المطبخ الغربي لم يخل يوماً من كيس طحين مفتوح وآخر مغلق للاحتياط، لذا لم نكن نهتم اذا ما نزل الثلج او انقطعت الكهرباء او نام الخباز أو تأخرت الباخرة عن العقبة…فلدينا ما يكفينا لشهرين على الأقل..كما ان بيت المونة ملىء بالحبوب والمجففات..وسيدة البيت “المعدّلة” تصنع من لا شيء كل شيء…

أدعو الحكومة السماح لنا نحن هواة “خبز الدار” ان نقتني حاجتنا من الطحين دون تقييد او تعقيد وفق أسس تحددها كما تشاء “كوبون..دفتر العيلة..سعر نصف مدعوم ” أي شيء .. وذلك كي لا نصبح شعب اتكالي يعيش على “شاحن إبرة” نرمي لقمتنا وشربتنا على الحكومة بكل شيء، اذا ما انقطع الإمداد الرسمي أو تعثرت باخرة في العقبة…نصبح شعباً مغلق حالياً او خارج نطاق الخدمة.

سواليف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.