صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قانون الضريبة.. يستحق المراجعة

0

بدلا من أن تلجأ الحكومة إلى معالجة الاختلالات التي يعاني منها قانون الضريبة، والمتمثلة أساسا في ضعف التحصيل وتوسيع شريحة المكلفين والحد من وسائل التهرب الضريبي سواء أكان بمخالفة القانون أو بالقانون ذاته، لجأت الحكومة إلى الحل الأسهل، الذي لا يحتاج إلى جهد وهو زيادة معدلات الضريبة على القطاعات الاقتصادية الرئيسية .
بموجب مشروع قانون الضريبة الذي يعكف النواب على إعادة مراجعته بعد أن أنهوا نقاشه أخيرا، قاموا بزيادة الضريبة على القطاع التجاري من 14 إلى 20 بالمائة، وعلى القطاع المصرفي من 30 إلى 35 بالمائة، وعلى القطاع الصناعي فوق مبيعات 100 ألف من 14 إلى 20 بالمائة .
الزيادات الضريبية المقترحة على قانون الضريبة لن تساهم في التحصيلات المالية المقدرة بالنسبة للحكومة، لعدة اعتبارات أهمها أن الاقتصاد الوطني يعاني تباطؤ في معدلات النمو، التي لا تتجاوز الآن في أفضل حالتها 3.5 بالمائة، وفي حالة زيادة الضريبة على القطاعات الرئيسية فإن ذلك يعني ببساطة زيادة الأعباء المالية على تلك القطاع التي، بالأصل “ذاقت الأمرين” من السياسات والإجراءات الحكومية الجبائية في العامين الماضيين .
الحكومة لم تتعلم كثيرا من دروس قراراتها السابقة التي أدخلت القطاعات في عامي 2013-2014 بدوامة التراجع الاقتصادي، وقطاع الاتصالات مثال حي في التحول من رائد القطاعات الاقتصادية إلى قطاع يعاني من هبوط حاد في إيراداته وأرابحه، لا بل إن بعضه دخل في منحى الخسائر .
المنطق الاقتصادي يقتضي من الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحفيز الاقتصاد من حالة التباطؤ في النمو الذي يعاني منها، وقبل ذلك عليها أن تبحث في إزالة التشوهات التي تقف حائلا أمام تنمية بيئة الأعمال المحلية.
الأساس في معالجة قانون الضريبة هو ليس المعادلات ونسب الاقتطاع، فهذا أمر لا يشكل أوي أولوية في عملية الإصلاح المالي، فالأساس أن يكون هناك إجراءات فنية صارمة وسريعة ومرنة في آن واحد، لمعالجة مسائل التهرب الضريبي التي تشكل عائقا حقيقيا في الإصلاح الاقتصادي، والحكومة تعي ذلك الأمر جيدا وتعرف أن مشكلة التهرب الضريبي واحدا من أهم التحديات التي تواجه الحكومة والنواب.
والأمر لا يختلف بالنسبة لتوسيع قاعدة المكلفين ضريبيا، من خلال إدخال شرائح اقتصادية جديدة إلى هيكل الضريبة، فما يزال الكثير من القطاعات تتنصل من الاستحقاق الضريبي على مرأى ومسمع من الحكومة التي لا تحرك ساكنا تجاههم .
للأسف الحكومة لم تعالج سياسات الاختلال الضريبي في مشروع القانون، وهي بذلك تكون تهربت من المشكلة الأصلية إلى الحل الأسرع والأسلم بالنسبة لها، وهو زيادة معدلات الضريبة على القطاعات الاقتصادية، لكنها لم تدرك أنها بذلك ستفقد بيدها الشمال كل ما تكون قد جنته باليمين، لذلك هذه هي الفرصة الأخيرة للإصلاح المالي، والأمر مناط بأعضاء مجلس الأمة، فهل ينجحوا بالاختبار؟
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.