صحيفة الكترونية اردنية شاملة

إشارات ذكيّة

0

في إحدى الندوات الضيّقة استمعت لحديث الصديق الدكتور خالد الوزني حول المشهد المحلي الأردني، وفي الجانب الاقتصادي على وجه الخصوص الذي يتداخل مع الجوانب الأخرى السياسية والإدارية والثقافية بكل تأكيد، ولمس في حديثه المتخصص بعض الأمور التي تستحق إعادة الحوار والنقاش وتسليط الضوء من كل أصحاب الاهتمام والمسؤولية سواء في القطاع العام أو الخاص.
أشار الدكتور الوزني إلى بعض المحافظات الأردنية الجميلة مثل: عجلون وجرش على سبيل المثال التي تحوي من مصادر الثروة والجمال والإمكانات ما تتفوق فيه على إمارة «دبي» ولكننا نجد أن جيب الفقر الأول في المملكة يتشكل في عجلون ومن ثم في جرش، أو أنها تعد من أفقر مناطق المملكة، وربما مساحة دبي لا تعادل مساحة محافظة الزرقاء، ولكنها تعد من أكبر المراكز المالية على مستوى العالم، مع العلم أن دبي ليس إمارة نفطية، وإنما استطاعت أن تدير نمطاً استثمارياً ناجحاً، وشكلت منطقة جاذبة، بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة العالية والجو الصحراوي اللاهب.
محافظات الجنوب تحتوي أكبر مخزون في المملكة من المواد الخام، وتحوي أكبر المناجم، ومع ذلك فإن هذه المحافظات تعاني الفقر والبطالة الكثيفة، وتعد من أكثر مناطق المملكة الطاردة للكفاءات الباحثة عن العمل، وما زالت نسبة كبيرة من سكانها تنتظر المعونات الوطنية، وإعالة الحكومة.
أين يكمن الخلل؟ وما هو سر المشكلة، وجوهر الأزمة الحقيقي؟ هل هو في الإنسان الأردني وكفاءته ومستواه التعليمي وقدرته على العمل؟ أمْ أن المشكلة في الثقافة العامة التي لم تفلح في ترسيخ الإنتاج الذاتي والاعتماد على النفس؟ وهل هي في الموارد المحدودة والفقر في مصادر الطاقة؟ كما يحلو لكثير من المسؤولين أن يبرروا أزمة الأردن الاقتصادية، لكن في معرض الاجابة على الأسئلة السابقة هناك اتفاق يصل إلى حد الإجماع بأن الإنسان الأردني يتفوق على أقرانه في المنطقة من حيث مستوى التعليم، والكفاءة والخبرة، والجديّة، حيث يشهد للأردني في كثير من الدول والبلدان الجاذبة للعمالة الماهرة، والكفاءات المتخصصة، أما في موضوع قلة الموارد والافتقار لمصادر الطاقة فإننا نلحظ عدداً وافراً من البلدان التي استطاعت أن تحقق نمواً اقتصادياً هائلاً، وتقدماً مميزاً على هذا الصعيد مثل: اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها رغم أنها ليست بلداناً نفطية، وربما تفتقر إلى الموارد الطبيعية أكثر من الأردن على وجه التأكيد.
إذن يجب البحث عن مواطن الخلل في أشياء أخرى، ويجب تغيير لهجة الخطاب، وعدم الإصرار على تكرار مقولات غير صائبة.
يبدو أننا نعاني مشكلة في الإدارة، ومشكلة في الثقافة، نحن جميعاً شركاء في المسؤولية، وليس المقصود هنا البحث عن مشجب للتبرير وليس من أجل إلقاء العبء على طرف دون طرف، لكن يجب أن نشرع بإصلاح الخلل، وأن نبدأ الخطوة الأولى الصحيحة، التي ترتكز على إعادة النظر في المنظومة التعليمية من حيث المناهج والفلسفة والمعلم، وإدراك العلاقة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق والإعداد للحياة، ووقف حالة التيه عن طريق إعادة ضبط البوصلة، وتحديد المسار بطريقة علمية منهجية، نتجاوز فيها تكرار وصفات الفشل، ونحقق مضامين التنمية المستدامة، عبر التشاركية الصحيحة.
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.