صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ما وراء المنح الأميركية

0

قفزة كبيرة ومريحة تلك التي حققها حجم المنح المقدمة من الولايات المتحدة للأردن، والقيمة تشي أن ثمة دعما غير عادي تقدمه أميركا للمملكة، تقديرا للدور الكبير الذي يلعبه الأردن في الملفات الإقليمية الساخنة.

المنح تأتي اعتمادا على تحالف تاريخي يزداد قوة في ظل الدور الجيوسياسي المهم الذي يؤديه الأردن والدور الذي يلعبه في حربه على الإرهاب، وتقديرا أيضا للعبء الكبير الذي يتحمله الأردن لاستضافة 650 ألف لاجئ سوري.

ما قُدم منح وليس مساعدات، والقيمة ارتفعت من 650 مليون دولار سنويا، هي قيمة المساعدات المنتظمة، لتبلغ مليار دولار، ما يجعل أميركا الداعم الأكبر للأردن، مقارنة بجميع الدول المانحة، بما فيها الدول العربية.

توقيع الاتفاق جاء تتويجا لزيارة الملك الأخيرة لواشنطن، وتم معها أيضا الحصول على تعهد أميركي جديد بكفالة قروض أردنية يتوقع أن تصل قيمتها لحوالي مليار أيضا.

بالنتائج الرقمية، يمكن القول إن الزيارة كانت ناجحة كونها حققت نتائج ملموسة للأردن بشكل يساعد على التخفيف من تعقيد المشهد الاقتصادي، الذي أكد الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع “تشارلي روز” أنه ما يؤرقه ويشغل باله، خصوصا أن الزيادة في المنح تتزامن مع تراجع ملحوظ لأسعار النفط بشكل يخفف الضغط على الموارد المالية التي يذهب جزء كبير منها لدعم فاتورة الطاقة ودعم الكهرباء.

الحالة السابقة تساعد على خلق أجواء تبدو مواتية لتحقيق منجزات اقتصادية حقيقية، إن تم توجيهها بالشكل الصحيح، بهدف تحقيق التنمية المطلوبة، لتحقيق الاستفادة العظمى من هذه المنح التي تستمر بذات المقدار حتى العام 2017.

التقدير الأميركي يقابله جفاء عربي ملحوظ، فما قُدِّم للأردن من الدول العربية الغنية مجتمعة يساوي ما تقدمه واشنطن وحدها، بالتمام، هذا في حال التزمت قطر بتسديد المنحة المقررة بموجب قرار مجلس دول التعاون، وهو الأمر غير المتوقع في المدى المنظور.

العمل على تجديد برنامج المنح الأميركي بدأ منذ وقت، والجهد الذي بذل فيه كبير، وتحقق الهدف بزيادة المنح الأميركية.

بالنهاية، المنح لا تقدم عبثا، بل تتبع للدور القيادي الذي يقوم به الأردن، مدفوعا بحالة الاستقرار الفريدة التي يتمتع بها مقارنة بدول الإقليم، وأيضا تبعا لبرنامج عمل واضح يقدمه الأردن، يشرح فيه الاحتياجات التمويلية بشكل دقيق وعملي، وهو الأمر الذي اقنع الإدارة الأميركية بكل أطرافها لاتخاذ مثل هذا القرار.

بالمقابل، يضع الأميركان شروطهم لتقديم هذا الرقم من المنح، رغم ما يقال عن أنّ ثمة تساهلا واضحا من قبلهم مع الأردن تقديرا لأحواله الصعبة، ولمساعدة الأردن على الخروج من عنق الزجاجة، والتخفيف من التحديات، وتحديدا تسارع انتشار الفكر المتطرف.

بالتزامن، يمضي الأردن بتطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي المقرر من صندوق النقد الدولي ربما للفترة ذاتها أيضا، ما يجعل السنوات الثلاث المقبلة مؤهلة للعب دور مهم في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وتخليص الأردن من أزمة أرقامه المالية بالدرجة الأولى، خصوصا العجز والدين، وإعادتها إلى مستويات صحية غير مقلقة، إن عمل الجميع بجد.

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.