صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الملك والإخوان

0

مسألة حساسة للغاية، وعنوان ملتبس بدلالاته التي قد يخطئها البعض..
تاريخياُ، الأردن يعتبر نموذجاً حياُ لديناميكية الحكم والسلطة، في القدرة على التعامل مع الخصومات والتهديدات الإقليمية، بحكم جغرافيته المشتبكة مع جغرافيات حرجة في حركتها وطموحاتها وتنافسيتها.. في العراق وسوريا ومصر على وجه التحديد، وفلسطين باعتبارها القضية المحورية..
كان الملك الراحل، الحسين بن طلال رحمه الله، يدرك أن محتوى الدولة السياسي والمجتمعي تحديداً هو الورقة الرابحة دوماً، وهو الرهان الأكثر جدوى في تعاطي الأردن مع جبهات ساخنة سياسياً، ولأن حركة الإخوان المسلمين، هي الحركة أو الجماعة أو الحزب الأكثر تماسكاُ وتأثيراُ وحضوراُ على الساحة الأردنية، فقد حظيت بخطاب ملكي متزن تجاهها، باعتبارها جزءاُ من النسيج الاجتماعي للدولة، وجزءاُ من الفاعليات السياسية المؤثرة، سواءُ أكانت ورقة ملكية رابحة أم كانت تمثل منطق ( عدو عدوي صديقي )، ليس هذا مهماُ، المهم، والأهم في عد الالتفات لأصوات كانت وما زالت، فجَّة وملحونة، وإيقاعاتها مسكونة بهواجسها الذاتية والخاصة..
وراهناً.. الأمر لا يختلف كثيراُ، فالتحديات تحولت إلى تهديدات عيانية، وسط هذا الزخم الكبير من الصراعات التي تنضجها نار الاقتتال والانقسام والحرب التي نمهل أنفسنا قليلاُ من الوقت قبل أن نكتبها حرب.. إنها حرب بالفعل وعلى مستوى جدير بالتخوف والانتباه والحذر.. فلا أشك أن الملك عبد الله الثاني، يقرأ أوراق المنطقة كلها بعينين مفتوحتين على الداخل أكثر، بكل مكوناته، وأكثر مكوناته تأثيراُ..
برغم ما تواجهه الحركة الإسلامية في غير مكان أو دولة، فهي في الأردن مختلفة، ويبقى اختلافها علامة على علاقتها بالسلطة والحكم، وبالخطاب المغاير للخطابات الدولية الداعية إلى التعامل معها على أنها كتلة مرضية يجب استئصالها. في حالتنا الوطنية هي جزء من مكوناتنا، وما زالت جزء من نسيجنا الوطني، ما دامت متزنة مع ذاتها وبعلاقاتها ورؤيتها وتطلعاتها وتعاطيها مع الأحداث من حولنا.. والأصوات الفجة السابقة والمستمرة، يجب أن تصحو حين يرتطم صداها بجدران متصدعة، إذا ما انهارت سيندلق منها كل ما كنا نخاف ونحاذر..
الأردن دولة لها رصيدها الثري من الخبرة، وكما قيل غرام من الخبرة يساوي أطنان من النظريات، والملك يملك رصيداً وافراُ من التبصر، ولحظة تبصُّر واحدة تساوي حياة من الخبرة كما قيل أيضاُ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.