صحيفة الكترونية اردنية شاملة

10 اسباب لاستمرار الفساد في الاردن

0

منذ العام 1995، تصدر منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد ويرمز له اختصاراً (CPI)، حيث يقيّم ويرتب الدول طبقاً لدرجة إدراك وجود الفساد بين المسؤولين والسياسيين في الدولة، وهو ﻴﻘﻴس ﻤﺴﺘوى إدراك اﻟﻔﺴﺎد ﻻ اﻟﻔﺴﺎد ﻨﻔﺴﻪ، أي أﻨﻪ ﻴﻌﻛس اﻟﺼورة اﻟﺘﻲ ﻴراﻫﺎ اﻟﻤﺴﺘﻔﺘون ﻋن اﻟﺒﻠد اﻟﻤﺼﻨف ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺴﺎد اﻹداري واﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻴﻪ، والذي يفُسر بإﻋﺘﺒﺎرﻩ إساءة إستخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة في القطاع الحكومي للدول.
وقام أعضاء مركز الشفافية الأردني الدكتور هاندري عماري وصفوان المجالي، بإجراء دراسة تفصيلية حول وضع الأردن في تقرير مؤشر مدركات الفساد خلال الأعوام 2010 – 2014, الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ووسائل الحد من الفساد والوقاية منه، وذلك بجمع البيانات والمعلومات والأرقام المطروحة من قبل منظمة الشفافية الدولية لتلك الأعوام.
مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية وسيلة لتعزيز مفهوم مستويات الفساد بين دول العالم, حيث أن مؤشر 10 يعني نظيف كلياً، و0 يعني فاسد كلياً. وفي هذا العام حصل الأردن، بالشراكة مع البحرين والسعودية على 4.9 نقطة وفي المرتبة 55، ثم تلاها سلطنة عمان في المرتبة 64 والكويت في المرتبة 67 وتونس في المرتبة 79 والمغرب في المرتبة 80 ومصر في المرتبة 94 والجزائر في المرتبة 100 ولبنان في المرتبة 136 على المستوى الدولي. وبينت نتائج المؤشر لهذا العام أن غالبية الدول العربية عجزت عن اجتياز حاجز ال 50 درجة والمطلوب للنجاح في الشفافية ومكافحة الفساد مما يدل على وجود أو تحصين الفساد فيه ولو بدرجات متفاوتة بين الدول العربية نتيجة لوضعها السياسي والإقتصادي والإجتماعي.
ووفقاً للمؤشر، تمثل هذه النتائج تحذيراً من إساءة إستخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة الممثلة لآفات مزمنة تخرب اقتصاديات الدول بشتى أنحاء العالم، وحلل مؤشر مدركات الفساد هذا العام مستويات الفساد والشفافية في القطاع العام في 175 دولة بالعالم، إعتماداً على تقديرات مؤسسات دولية ذات مصداقية عالية، وأستثنى فلسطين لما إعتبره عدم وجود مؤسسات معتبرة فيها يمكن الإعتماد على تقديراتها.
ويُعزى سبب وجود الفساد في الأردن، حسب ما يراه مركز الشفافية الأردني عن طريق متابعته للتقارير المحلية والدولية، للعوامل التالية:
1. ضعف أداء الأجهزة الرقابية الرسمية لعدم إستقلاليتها إدارياً ومالياً، ووجود تنازع نوعي في الإختصاص بين هذه المؤسسات مما يُشتت الجهود ويُعيق التنسيق والتشاركية فيما بينها في قضايا الفساد.
2. وجود إختلالات في دور بعض مؤسسات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الفساد بسبب ضعف قدرات وإختصاصات القائمين عليها في هذا المجال، وعدم إستعانتها بالخبرات المتخصصة ، وإتباعها لآليات الحوكمة، وإعتماد بعضها على التمويل الخارجي، وإبتعادها عن الشفافية في الإفصاح عن تقاريرها الإدارية والمالية.
3. تقييد الوصول إلى المعلومات وعدم إتاحتها لتمكين المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية للأردن.
4. عدم محاسبة بعض مرتكبي جرائم الفساد وضعف ملاحقة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج.
5. قصور التشريعات الوطنية الناظمة لمكافحة الفساد وعدم موائمة بعضها للإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد مثل الرشوة في القطاع الخاص والإستغلال بالنفوذ.
6. ضعف الدور الرقابي للمجلس النيابي السابع عشر الحالي.
7. ضعف الإعلام في تحقيقات الصحافة الإستقصائية المتعلقة بقضايا الفساد.
8. تجاوزات بعض المسؤولين عن تنفيذ القانون وعدم تعرضهم للمساءلة تجعل من القوانين الناظمة للعمل السياسي غير مفعلة، وتضعف دور مجلس النواب بمهمته الرقابية ويصبح أقرب إلى مجلس خدماتي بدل من قيامه بالواجب الرقابي، إضافة الى سياسة الدولة في إعتماد مبدأ الولاء قبل الكفاءة في شغل المواقع العليا.
9. عدم بدء الحكومة في المناقشات للإنضمام إلى مبادرة شفافية الصناعات الإستخراجية الدولية.
10. لم يُلاحظ أي نشاط للقطاع العام بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بتوصيات ومخرجات ميثاق النزاهه الوطني والخطة التنفيذية المنبثقة عنه منذ إعلانهما في العام 2013.
وبالرغم من ذلك، لوحظ تحسن بمقدار أربع درجات (علامات) ليحتل الأردن المرتبة الثالثة عربياً والـ55 عالمياً من بين 175 دولة حول العالم، مما يشكل، حسب المؤشر، فرصة حقيقية لترويج الأردن إستثمارياً من حيث توفر بيئة أعمال تلبي طموحات مجتمعات الأعمال.
لخص مركز الشفافية الأردني، من وجهة نظره، الأسباب التي تحد من نجاح جهود مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد في الأردن بعدة نقاط، وهي:
دستورياً – صعوبة محاكمة مسؤولي الدولة مثل الوزراء إلا من خلال مجلس النواب، وتجاربنا في المجالس النيابية السابقة خير مثال على ذلك.
قانونياً – القوانين التي حددت العقوبات المتعلقة بالفساد عادلة ورادعة، لكن حجم القضايا المحولة الى القضاء والمتعلقة بموضوع الفساد تقل عن عدد قضايا الفساد التي حصلت بالفعل، ويعود السبب لضعف إجراءات تتبع القضايا و/أو لتمكن المتهمون في الفساد من العبث بالأدلة وغير ذلك من أسباب، كما ﻻ يوجد تشريع قانوني واضح يحصر كافة أفعال الفساد المجرمة بشكل واضح أو بأقل تقدير جمعها في باب قانوني واحد من خلال التشريعات الجزائية القائمة تحت مسمى جرائم الفساد.
سياسياً – بالرغم من توجيهات جلالة الملك بمقاومة ومكافحة الفساد، إلا أنه من الملاحظ وجود ضعف في الإرادة السياسية، وتمثيل المواطن في البرلمان شبه غائب.
تعاونياً – غياب أو ضعف الشراكة الحقيقة بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
مدنياً – مؤسسات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الفساد ظهرت بقوة أثناء الربيع العربي، فهي حديثة الولادة وقليلة الخبرة، وإن وجد بعض منها قبل ذلك، فهي ضعيفة ومشكوك في قدرتها على محاربة الفساد من قبل المجتمع، وذلك إما لضعف الإختصاص أو لإعتمادها على التمويل الخارجي.
توعوياً – قلة وعي وإدراك المواطن لمخاطر الفساد وتفشي غياب العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص، حيث يعتبر العديد أن الواسطة – إحدى أنواع الفساد- هي تكافل إجتماعي وموروث تقليد، والرشوة حيث أنها تعود بالفائدة على الموظف العام وتسهل وتسير معاملة الشخص المراجع المقتدر ماديًا.
إقتصادياً – مساهمة القطاع الخاص في التنمية والرخاء الإقتصادي والمسؤولية الإجتماعية ضئيلة وغير فاعلة.
ثقافياً – بعض العادات المتوارثة وما يُسمى بالحقوق المكتسبة والمحسوبية تشجع على ممارسة الفساد.
أما عن سبل معالجة الفساد والتي قام بتلخيصها المركز، فهي كما يلي:
1. تعزيز الإرادة السياسية في محاربة الفساد وذلك بترجمتها إلى نصوص واضحة قابلة للتنفيذ والمتابعة والتقييم والمحاسبة.
2. مراجعة التشريعات والقوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتطويرها وتعديلها لمواكبة المستجدات على الساحة الوطنية والإقليمية والعالمية.
3. ضرورة العمل على تحصين جهاز النيابة العامة المختص بقضايا الفساد من العزل، والعمل على إلزامية القرارات الصادرة عن مجلس المعلومات وديوان المظالم.
4. تعديل وتطوير قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات ليتلائم مع المعايير الدولية، حيث أن حرية المعلومات هي إحدى أدوات مكافحة الفساد، وتعزز الإعلام المهني الحر النزيه والصحافة الإستقصائية المحترفة.
5. تنفيذ وتطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وبرامجها الإصلاحية وتدابيرها الوقائية.
6. تحسين إدارة شؤون وممتلكات الدولة، وإعداد التشريعات اللازمة لمنح المال العام حماية وحصانة أكبر، والعمل على عدم الإفلات من العقاب، وتجميد الأموال المتحصلة من أفعال الفساد حتى قبل صدور قرار الإدانة للمتهم تجنباً لتهريبها إلى خارج البلاد.
7. تعزيز وتفعيل الشراكة الحقيقية ما بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد، وتبني برامج وخطط عمل قابلة للتنفيذ في فترة زمنية محددة خاضعة للتقييم، تُعنى في رفع قدرات العاملين وتأهيلهم في برامج مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية حتى يكونوا قادرين على القيام بهذه المهمة بشكل محترف وليس عشوائي.
8. تبني معايير ومؤشرات لتقييم أداء القطاع العام، وفقاً لمتطلبات الشفافية والنزاهة، وتحويلها إلى برامج إصلاحية وتدابير وقائية.
9. العمل على رفع الوعي والتثقيف بأهمية مكافحة جميع أنواع وأشكال الفساد وعلى كافة المستويات، من خلال ترسيخ ثقافة مكافحة الفساد وتجذير مفهوم الشفافية والنزاهه والمساءلة من خلال تضمين مواد أو مساقات تُدرس في المدارس والجامعات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.