صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحل يبدأ من مصر

0

مشكلة التخبط التي تعمّ العالم العربي، ومسار الفوضى الذي آلت إليه الأمور في أغلب الأقطار العربية، يجب أن يكون محط أنظار العقلاء وأهل البصيرة على امتداد الساحة العربية والإسلامية، وينبغي أن لا يتم الاستسلام لمقتضيات الوضع الراهن، وترك الأمور رهناً للزمن، ويتوجب على العقلاء أن يكرروا محاولاتهم الدائبة في سبيل الوصول إلى رسم معالم الحل المطلوب.
أعتقد أن الحل يمكن أن يبدأ من مصر، فليس معقولاً أن تبقى أكبر دولة عربية مشلولة الإرادة قيادةً وجيشاً وشعباً، وأن تستمر في ولوج نفق الدم والقتل والاعتقال، هذه المدة الطويلة، عبر اختيار مسار صناعة المعركة بين الجيش والأمن والجانب الرسمي من جانب، مع القوى الشعبية المعارضة وقوى ثورة «يناير» من الجانب الآخر، وهو مسار محكوم عليه بالفشل، ويعود بالضرر على مصر كلها دولة وشعباً، بل يتعدى ضرر ذلك إلى العالم العربي كله.
الطرفان المتصارعان في مصر مدعوان إلى حلول وسط، لأن مسألة اختيار معركة كسر الآخر، وسحقه وإبعاده معركة فاشلة وهي بلا أفق، حتى لو تم تحقيق بعض الانتصارات الجزئية المؤقتة، لأن ذلك مخالف لسنن الاستقرار الامني وبديهيات السياسة، حيث أن الدم لا يأتي إلّا بالدم، والعنف لا يأتي إلّا بالعنف، والثأر لا يأتي إلّا بالثأر، ومن ثم السير في حلقة العنف الدائمة والمتجددة.
إدارة الدولة الرسمية معنية بالبحث عن حل آخر سياسي سلمي يهدف إلى حفظ الدولة وحفظ مقدراتها وحفظ جيشها وأمنها وشعبها ودعوة جميع القوى السياسية إلى كلمة سواء، كما أن الطرف الآخر المعارض المتمثل بجماعة الإخوان المسلمين، والقوى الإسلامية عموماً، ومن معهم ومن يدور في فلكهم، وكل من يؤيدهم أو يتعاطف معهم، بأي درجة من درجات التعاطف معني أيضاً بالبحث عن صيغة سياسية مقبولة ومعقولة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة على مستوى الدولة المصرية كلها، ووقف حالة الشد والتوتر والجذب ووقف حالة المجابهة الطويلة التي وصلت إلى مرحلة لم تعد مقبولة لدى كل الأطراف الوطنية المصرية.
الحركة الإسلامية معنية بالإقدام على خطوات استثنائية كبيرة تتناسب مع حجم الخطورة التي تحيق بهم وبأمتهم وبلدهم على مستوى مصر أولاً، وعلى مستوى الإقليم بأكمله، وربما تكون الخطوة الأولى إعلان حل التنظيم العالمي للجماعة، الذي لم يكن في حقيقته إلّا صورة شكلية، ولم يكن له دور حقيقي في الأقطار، وأوهم العالم أنه تنظيم عابر للحدود وهو ليس كذلك.
المسألة الأخرى أن تتبنى الحركة الإسلامية المصرية بياناً عاماً تعلن فيه للشعب المصري تنازلها عن حقها في استعادة كرسي رئاسة الجمهورية الذي حصلت عليه بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، وتترك الأمر للشعب المصري كله، فهو صاحب القرار، حفظاً للدم المصري، وحرصاً على مصلحة الدولة المصرية، ولو كان ذلك على حساب أعضائها وشهدائها ومعتقليها ….
هذا الأمر يحتاج إلى مبادرة كريمة و كبيرة يقوم عليها أطراف محايدون من مختلف القوى والاتجاهات السياسية المصرية والعربية، سواء كانت من الجناح القومي واليساري، أو من بعض الأطراف الإسلامية للوصول إلى صياغة أكثر نضجاً وأكثر تفصيلاً، من أجل الشروع في إيجاد حل معقول، يوقف النزيف المتدفق على الأرض المصرية، ومقدمة للنجاح في وقف النزيف على الأرض العربية كلها.
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.