صحيفة الكترونية اردنية شاملة

بلا عيوب.. بالطبع لا!

0

بدأت اللجنة المالية في مجلس النواب مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2015. وقد كان باكورة الاجتماعات ذاك الذي عقد يوم الأربعاء الماضي، مستهلاً بالاستماع إلى وزراء مالية سابقين، كما إعلاميين مختصين بالشأن الاقتصادي.

مهمة اللجنة بشأن الموازنة المقبلة، ورغم أهميتها، أقل تعقيدا مما عرفته في موازنات سنوات سابقة. منبع ذلك أن الخطوط العريضة لموازنة 2015 تحمل تشوهات أقل من تلك التي عابت موازنات الأعوام الماضية، نتيجة لميزات يبدو أهمها تثبيت حجم الإنفاق العام للسنة المقبلة عند حدوده للسنة الحالية، والبالغ 8.1 مليار دينار، من دون أي زيادة.
ولا ضير من العودة إلى تكرار القول بأن تثبيت حجم الإنفاق العام يؤكد أن الحكومة الحالية باتت تدرك مخاطر التوسع في هذا الإنفاق، وهو النهج الذي سارت عليه الحكومات، بما فيها الحالية، لسنوات طويلة، حتى قفزنا بحجم الموازنة من نحو 3 مليارات إلى 8 مليارات دينار، عدا عن موازنة المؤسسات المستقلة التي تضخمت هي الأخرى، حتى بلغت حوالي ملياري دينار.
ماذا يعني ذلك للجنة المالية النيابية؟ هل يعني أن الموازنة مثالية؛ بحيث تخلو من أي عيب؟ طبعا لا.
ثمة مسألة رئيسة على اللجنة السعي إلى التأكيد عليها، وهي وضع ضوابط، قد تقتضي خلق أدوات جديدة، تمنع الحكومة، بكل مؤسساتها ودوائرها، من تجاوز إنفاقها السقف المحدد. ذلك أن هكذا تجاوز هو ما كان يحدث في سنوات خلت. وهنا أيضا مطلوب من الحكومة تحديد وتفعيل أدواتها لمعالجة الهدر في الموازنة العامة، وهو كبير بحسب وزارة المالية التي تقدره بحوالي 15-20 % من قيمة الموازنة، أو ما يعادل 1.2 مليار دينار بالحد الأدنى.
أما النقطة الجوهرية الثانية التي يلزم النواب مناقشتها مع ضرورة تغييرها، فهي تلك المتعلقة بالتقديرات التي بنيت الموازنة على أساسها بشأن أسعار النفط، والبالغة 100 دولار للبرميل. إذ تشير معظم القراءات إلى أن متوسط السعر للعام المقبل سيكون بحدود 70 دولارا للبرميل. وهذا عيب جوهري في الموازنة، بني عليه الكثير من التفاصيل الأخرى.
فتبعا لانخفاض أسعار النفط، تبرز نوايا الحكومة لإلغاء الدعم النقدي المقدم لفئات من المواطنين عن المحروقات، طالما أن سعر النفط قد كسر حاجز الـ100 دولار للبرميل. ومن ثم، فلا بد من بحث ما ستفعله الحكومة بفائض المخصصات التي وضعتها على أساس سعر برميل النفط المرتفع سابقاً، كما الدعم النقدي المفترض إلغاؤه. هل ستغطي بهذا الفائض الفجوة المتأتية عن عدم تحصيل عوائد ضريبية جديدة من مشروع قانون الضريبة الذي يعكف النواب على مناقشته الآن بغية إقراره؟
كذلك، على النواب الطلب إلى الحكومة شرح رؤيتها بشأن حجم الاقتراض خلال العام المقبل، وتقديم خطتها لمعالجة المديونية، إن توفرت. وربما يتم وضع ملحق خاص في موازنة العام المقبل، يوضح هذه الخطة للسنوات المقبلة، لاسيما أن أسعار النفط التي فاقمت المديونية في السنوات الثلاث الماضية، آخذة في النزول، ما يساعد على تقليل هذه المديونية نسبيا، كنتيجة لتراجع فاتورة الطاقة ودعم شركة الكهرباء الوطنية، والتي تقدر كلفتها السنوية بملياري دولار.
تبقى نقطة أخرى تحتاج إلى توضيح، وهي المرتبطة باللجوء السوري، والكلف الإضافية المباشرة وغير المباشرة التي تتكبدها الخزينة العامة لتقديم الرعاية لحوالي 1.6 مليون سوري يقيمون على الأرض الأردنية، يبدو أن إقامتهم ستطول لسنوات مع استمرار الوضع الدموي المعقد في بلادهم.
بأخذ ما سبق بعين الاعتبار، تكون موازنة العام المقبل خطوة إصلاحية تصحيحية حقيقية فعلا.
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.