صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اللامركزية.. لو تشاورت الحكومة معنا!

0

لم نحظ بفرصة مناقشة مشروعي قانوني “البلديات” و”اللامركزية” مع الحكومة. صحيح أن المشروعين سينتهيان عندنا في مجلس النواب، لكن وفقا لفتوى دستورية قديمة، فإننا لا نستطيع إدخال أحكام جديدة فيهما، مغايرة لما ورد من الحكومة. وفي البرلمان السادس عشر، حين أدخلنا فكرة المجالس المحلية في بنية البلديات، قام الأعيان برد التعديل بحجّة أننا أدخلنا فكرة جديدة في بنية القانون لم ترد في مشروع الحكومة.
هذه المرّة، أدخلت الحكومة المجالس المحلية في قانون البلديات، وزادت صلاحياتها. كما أنشأت قانون “اللامركزية” على أساس قيام مجالس منتخبة للمحافظات (برلمانات محلية)، تُنقل لها بعض السلطات والصلاحيات. وسيتم إحالة مشروعي القانونين قريبا إلى مجلس النواب.
لو تشاورت الحكومة معنا، لكنت اقترحت إخراج أمانة عمان من قانون البلديات؛ حتى لا يبقى ثلث القانون لمواد استثنائية تخص “الأمانة”، مستقلة عن بقية أحكام القانون. وأمانة عمان، من جميع الأوجه، تعمل بصيغة مختلفة عن البلديات؛ فلا معنى لوجودها داخل قانون البلديات. ومن جهة أخرى، كنت اقترحت إدماج قانون البلديات مع قانون اللامركزية، تحت اسم قانون الحكم المحلي. فبرأيي أن من الأفضل في هذه المرحلة أن يكون التمثيل لمجلس المحافظة من خلال قيادات البلديات، وليس عبر انتخابات موازية.
أي إنه بدل إجراء انتخابات ثالثة -إلى جانب الانتخابات النيابية والبلدية- لمجلس المحافظة، فلتكن كل بلدية دائرة انتخابية في المحافظة، ويكون المرشح لرئاسة البلدية هو نفسه المرشح لعضوية مجلس المحافظة؛ فيتشكل مجلس المحافظة من رؤساء البلديات المنتخبين في المحافظة (أو رؤساء المجالس المحلية في المحافظات التي تحتوي عددا قليلا من البلديات). ويضاف لهؤلاء رؤساء الهيئات القطاعية المنتخبة في المحافظة، مثل رؤساء غرف التجارة والصناعة والنقابات المهنية والعمالية والقطاعات النسائية والشبابية والأكاديمية.. إلخ. بهذه الصيغة، يكون مجلس المحافظة ذا قيمة عملية ملموسة؛ إذ يتشكل من القيادات القائمة على عملها في المحافظة، وليس من ممثلين جدد يبحثون ربما عن دور وامتيازات.
هذه ليست فكرة جديدة؛ فقد تحدثنا بها في الواقع، وكانت مقبولة. وأعتقد أنها كانت واردة في مشروع مجالس المحافظات، حين كان جزءا من مشروع قانون البلديات في مسودته الأولى العام الماضي، قبل أن تتبلور فكرة إنشاء قانون مستقل للامركزية ومجالس المحافظات. وقد تبلورت فكرة القانون المستقل مع التوجه لتقليص عدد أعضاء مجلس النواب الوطني، ودمج الدوائر الانتخابية وتقليص عددها، وإحالة الشؤون الخدمية إلى نواب على المستوى المحلي للمحافظة لتخفيف العبء على نواب الوطن.
مشروع القانون (إذا لم يحدث عليه تغيير جوهري هذه الأيام)، ينص على انتخابات مباشرة لنواب مجلس المحافظة. وأنا أتساءل: لم يجب تكرار الانتخابات والتمثيل بين البلديات ومجلس المحافظة؛ فننفق المزيد من المال، ونقوم بإنشاء كراس إضافية تخلق منافسة وإرباكا في الأدوار؟ ولم لا يكون أعضاء مجلس المحافظة هم أنفسهم رؤساء البلديات في المحافظة (أو رؤساء المجالس المحلية في المحافظات التي تحوي عددا قليلا من البلديات)؛ فهؤلاء هم ممثلو المواطنين المسؤولين في الميدان عن مناطقهم والخدمات فيها، وسيكونون أكثر فائدة في تمثيل مناطقهم على مستوى المحافظة، بدلا من نواب آخرين ينتخبون فقط لعضوية مجلس المحافظة، وليس لهم صلة بالعمل المباشر في المجال الخدمي؟
في هذه المرحلة الأولية، فلتكن الانتخابات واحدة لجميع المستويات؛ فيكون رئيس الهيئة الأدنى عضوا في الهيئة الأوسع. وبذلك ننفق أقل على الانتخابات والرواتب، ونضع الناس في الموقع الصحيح للقرار ولمتابعة قضايا الخدمات والتنمية والتنسيق مع السلطة التنفيذية.
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.