صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قلق مشروع، أم مشروع قلق

0

بما أن القلق فائدة مدفوعة على المشاكل قبل أن يحين موعد استحقاقها.. بحسب الفيلسوف وليم رالف، فإنه بالنسبة لنا في الأردن ضريبة مدفوعة أيضاً، وبتكاليف معنوية ونفسية محرجة، القصة ليست في القلق بحد ذاته، لكن المشكلة في الحوادث التي تقع دائما، من ضرب وسلب، وقتل يتكرر كل يوم محلياً، والخطورة الكبرى تكمن في تكرار التداول الإخباري لهذه الوقائع والحوادث التي تستطيع أن تشكل إذا ما استمر التعاطي معها إعلامياً، قلقاً وطنياً، مشروعاً ما دمنا نخاف على مصلحة الوطن، وأمنه واستقراره، وأن لا تتجاوز هذه الحوادث المقدار أو النسبة الطبيعية في أي دولة.

أصبحت الاعتداءات والجرائم المتكررة والاعتداءات حديثاً لا يخلوا من يوم، أو لا تخلوا منه جلسة، أو لا تخلوا منه نافذة إخبارية، تنقل وقائع الحال، ساعة بساعة، ويوماً بيوم، وهذا بحد ذاته إن لم يكن قلقاً مشروعاً، فإنه مشروع قلق مستقبلي كبير، ما دامت النسبة تزداد، أو ما دام التداول الإعلامي لهذا النوع من المواد الإخبارية في تكاثر، فإما ان يكون الخلل في النقل، أو أن يكون في واقع الحال..
من نعم الله على الأردن أنه بلد لا يعاني من عدم استقرار سياسي، ولا يعاني خللا في تركيبته الاجتماعية، ولا قصوراً في الوعي العام، وأيضاً، وهو الأهم أنه بلد يعرف أهله بثقافتهم وقيمهم وأعرافهم كيف يكون التعبير عن الخلافات والغضب، والسلوك المجتمعي الذي يقدس روح الإنسان، ولا يهدر دمه أو ماله وعرضه، نعم، الأردن بلد مستقر، وآمن، لكن..
ثمة حاجة لإعطاء مثل هذا القلق حيز من الاهتمام، من خلال الدراسات والبحوث والاستقصاءات، حول أسباب ودوافع وظروف الوقائع الجرمية، وكافة ملابساتها وارتباطاتها الاقتصادية ربما أو الاجتماعية.. ونحن على يقين أنه ما من دولة في العالم تخلوا من مشكلات من هذا النوع او من ذاك، مهما بلغ مقدار أمنها واستقرارها..
لكن في المقابل، لا نريد أن نمتلك جرأة زائدة مثل جرأة الشاذلي بن جديد، على سبيل المثال، حينما سئل عن المشاكل والجرائم في الجزائر، قال: ( الدولة التي ليس فيها مشاكل ليست بدولة، والحمد لله الجزائر ليست فيها مشاكل )، نريد موضوعية في التداول الإعلامي والاهتمام الرسمي بهذا القلق او مشروع القلق، ونريد انتباه واعي وحقيقي من قبل مراكز البحوث والدراسات المعنية بهذا الإطار، أو أنه ربما علينا ان نصدق رونالد ريغان حين اعترف كرجل حكومي بأن ( الحكومات تميل إلى عدم حل المشاكل، فهي تعيد ترتيبها فقط ).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.