صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘الأقصى’ رهينة المحتل

0

صحيح أن التصعيد الدبلوماسي الأردني دفع إسرائيل إلى التراجع عن قرارها بإغلاق المسجد الأقصى. وهو القرار الذي كان من الممكن أن يؤدي، في حال استمراره، إلى الجمعة الأكثر حزناً التي تمر على المسجد منذ احتلال القدس في العام 1967.

لغة التحدي والتصعيد بين الأردن والمحتل كانت واضحة، بل وغير مسبوقة، على الأقل منذ توقيع اتفاقية وادي عربة، لاسيما عندما وصفت الحكومة الأردنية، على لسان وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية هايل داوود، إسرائيل بأنها دولة إرهابية لا يمكن السكوت على مسلكياتها. كما لم تكن أقل حدّة لغة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، المتحدث باسم الحكومة د. محمد المومني، وهو يعلن أن لدى الأردن خطة شاملة لمواجهة التعصب الإسرائيلي الذي تجلى بإغلاق “الأقصى”، وأن الخطوات المطروحة لا تتوقف عند سحب السفير الأردني في إسرائيل.

الأردن ضغط، وإسرائيل تراجعت. لكن ذلك لا يعني زوال الخطر عن المقدسات التي تخضع للوصاية الهاشمية منذ عقود طويلة، تجددت مع إبرام اتفاقية وادي عربة، وأعيد التأكيد عليها قبل عامين تقريبا باتفاق أردني-فلسطيني.

الممارسات الاحتلالية مستفزة. لكن “الأقصى” في قبضة المحتل، والخطط لتهويده قائمة، لاسيما أن إسرائيل لا تحترم المواثيق والعهود، وأطماعها التاريخية في المقدسات لم تتوقف يوما.

إذن، ما العمل؟

تواجه إسرائيل تحولا في الرأي العام العالمي؛ فالنظرة لها في كثير من البلدان، بعضها حليف تقليدي، ليست كما كانت في السابق. ويتداخل مع ذلك بدء إثمار نضالات الشعب الفلسطيني. فالاعتراف بـ”دولة فلسطين”، قانونياً وأمراً واقعاً في المستقبل القريب، يتوالى، فيما إسرائيل ماضية في نهجها الإرهابي وتطاولها على كل المواثيق الدولية؛ وبالتالي التطاول على الأردن، ممثلاً خصوصاً في ولايته على المقدسات في فلسطين.

ومن ثم، فلا بد أن يعود الأردن إلى تقييم ومراجعة علاقاته، بأشكالها كافة، مع إسرائيل؛ بما في ذلك اتفاقية وادي عربة التي أثبتت زيف السلام مع هذا الكيان، إذ لم يتحقق أبدا.

ولعل وزير الإعلام د. محمد المومني عبر عن مثل هكذا موقف أردني، عندما قال بلغة حاسمة إن موقف الأردن لن يتوقف عند استدعاء السفير الأردني من تل أبيب، بل قد يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك؛ واضعاً جميع الخيارات على الطاولة، حفاظا على حرمة “الأقصى” في مواجهة تعصب سياسات دولة الاحتلال وتطرف مستوطنيها.

على كل، يمكن القول إن ما فعلته اسرائيل تجاه “الأقصى” كان أقسى تحد سياسي يواجه المملكة منذ عقود، وقد حمل بين طياته رسائل يبدو أن الأردن الرسمي قد التقطها وفهمها، وعنوانها الأبرز أن لا قيمة للمعاهدات واتفاقيات السلام طالما أن ولاية الهاشميين على المقدسات في فلسطين تواجه امتحانا صعبا.

الأردن لجأ إلى أصعب الخيارات حينما وجد نفسه وحيدا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. فحتى اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي دعا إليه، لم يخرج بشيء، فكان أن أصدر الأردن بياناً بنفسه.

صور المسجد الأقصى مغلقا وخالياً من المصلين فيه، محزنة مستفزة، وتولد الشعور بالقهر والذل. لاسميا أن إسرائيل تصرّ على أن تكون دولة محتلة، فيما نصرّ نحن على السلام المنقوص، بل الزائف تماما.

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.