صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تـونـس إذ تحـتـفــل بربيعـهــا

0

بينما نجحت أنظمة الثورة المضادة، ومعها إيران بكل تأكيد، في ضرب عنفوان الربيع العربي في نقاطه الأهم؛ في مصر واليمن وليبيا وسوريا، تبرز تونس كحالة استثنائية، وسط هذا الظلام الذي يخيم على المنطقة، فقد أجرت أمس انتخاباتها الحرة أمام العالم أجمع، وذلك بعد إنجاز دستورها التعددي.

ولأنها كانت أول زهرات الربيع، وفاتحة الأمل، فإن مضيها على درب الحرية والتعددية يستحق الاحتفال بكل تأكيد، بصرف عن النتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، فنحن مع استكمال الثورة، بصرف النظر عمن يتصدر الانتخابات. المهم هو أن يعود للشعب قراره المسروق، ويعود إلى دوره كوصي على السلطة لا خادما لها.

في دول أخرى يعود القمع على أشده، وتتكرس الدولة البوليسية بينما جاء أعداء الثورة بشعار استكمالها.

لقد واجه الربيع العرب حملة بالغة الشراسة من أجل دفنه، قادتها أنظمة خافت من تمدده نحوها (ساعدتها إيران بقوة في سوريا)، فبذلت كل ما في وسعها من أجل إعاقة مسيرته، وهي نجحت بكل تأكيد، لكن ذلك لا يعني نهاية المطاف، فالثورات غالبا ما تمر بمراحل مد وجزر إلى أن تصل محطة النجاح، وفي الحالة العربية كانت الحملة كبيرة وشرسة، شاركت فيها الدولة العميقة، وأنظمة بذلت الكثير، مع خارج غربي لا يجد أفضل من الأوضاع القائمة لخدمة مصالحه، وهو لذلك يدافع عنها.

الذين يحشرون تراجع الربيع العربي هنا أو هناك بحكاية فشل الإسلاميين لا يريدون الاعتراف بالحقيقة، لكن الجماهير التي انحازت للثورات تعرفها تماما، ويكفي أن يعمل ضدها بكل قوة من لا يؤمنون بحرية ولا تعددية؛ لا على صعيد الداخل ولا الخارج حتى يعرف الجميع الحقيقة.

في تونس، تمرد الشعب، وتمردت الأحزاب على معادلة نسف الثورة، وكان لحركة النهضة التونسية دورها الأبرز في تقديم مسار استكمال الثورة على المصلحة الحزبية، وفي ظني أن الجمهور سيكافئها على ذلك، مع أن حرصها على الثورة لا ينبع من البحث عن مكاسب آنية، وإنما مكاسب حقيقية وإستراتيجية للبلد وأهله.

إنه عرس جميل في تونس، لا يمنح الأمل فقط لذلك البلد الذي عانى من القمع عقودا طويلة، بل لعموم العالم العربي الذي يحتفل بذلك العرس أيضا، معتبرا أنه بشرى خير للجميع، ونافذة أمل باتجاه استكمال مسيرة الربيع العربي برمته.

لن تتوقف المؤامرات هناك، وسيواصل أعداء الحرية من الخارج، وكذلك من الداخل بذل كل ما في وسعهم من أجل وأد التجربة، ومن أجل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء كما فعلوا في الدول الأخرى، لكننا نعول على شعب مثقف وعظيم وثائر سيجهض تلك المحاولات جميعها، ويحمل تجربته نحو آفاق النجاح.

نبارك لتونس وأهلها هذه الإقلاع الجميل نحو أفق الحرية والتعددية، وندعو الله أن يجعل من نجاحهم بشارة خير لاستكمال ربيع العرب، وهو سيُستكمل؛ طال الزمان أم قصر، لأن إرادة الشعوب ستنتصر في نهاية المطاف بإذن الله مهما طالت المسيرة وكثرت التضحيات.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.