صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عن ( نظرية تطور الدولة )

0

في سياق حديث عن تطور الدولة، باعتبارها كائن حي مليء بالملابسات السوسيولوجية والاقتصادية والثقافية، ومليئة بالقوى التي تطورت بفعل المصالح أكثر من تطور الدولة، إن إكبر إشكالية تواجهها دولنا العربية أن مكوناتها من القوى النخبوية تتطور بمعزل عن تطور الدولة ذاتها، والبحث ضمن النسق السياسي للدولة، يؤشر فعلياً على هذه النخب السياسية التي طوَّرت أدواتها في السلطوية والحكومية الجبائية الجالبة للمنافع والمصالح، بينما بقيت مسألة تطور الدولة في وظائفها وأدوارها ومسؤولياتها العامة مرهونة بمقدار تحقيق النفع الخاص.

أعني، أن الدولة، في الوقت الذي تتوقف فيه عن تحقيق وفرة الربح والمنافع للسلطويين، والحكوميين الرسميين، تتوقف فيها الرغبة في التطور، يظهر ذلك – مثلاً – في سوريا، الدولة العريقة التي تمتاز بالكثافة التاريخية، حين باتت تهدد منافع أصحاب السيادة والمشروعية السياسية المزيفة فيها، تحولت على الفور إلى سجن كبير، وإلى ساحة حرب.
واليمن – مثلاً – دولة الممالك الضاربة في التاريخ والحضارة، منذ مملكة سبأ وممالك قتبان وحمير وحضرموت، وحتى تاريخ الجمهورية الموحدة.. حين وقفت النخب فيها على مشارف التحولات الثورية الراهنة، بدأت بالتفكير بعقلية النفعي البغيض، لتقاسمها كما لو كانت الدولة مزرعة أو شيك بنكي، وهو ما حدث بالفعل، دولة بحجم اليمن تصبح شيكاً بنكياً بالقيمة الاسمية، وقعه المكتتبون الحوثيون عن طيب خاطر للرئيس اليمني وقائد جنده.. باعوها إذن بجرة قلم.
عن أي تطور للدولة يمكن أن نتحدث دون أن نصطدم بحائط الكذب أو التدليس أو الممالأة أو الموالاة النفعية..؟
عن بنايات وناطحات سحاب وجسور وأنفاق لا تستطيع أن تصمد أمام برميل مشتعل يهبط من السماء..؟ عن قانون أو دستور لم يستطع يوماً أن يجرِّم مسؤول كبير سرق ونهب وتلاعب بأجهزة الدولة ومؤسساتها، وكبدها خسائر ومديونيات متراكمة..؟، عن ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان، لا تسد جَوْعَة، ولا تمسح دَمعة..؟ عن طرق معبدة بالاسفلت، وإضاءات شوارع لا تحس بثرثرة خطوات المعوزين وأنينها الخافت..؟ عن مصارف وبنوك تفضح أوراقها أكثر مما تستر حاجات الناس..؟، عن أي تطور يمكن لنا أن نتحدث دون أن نخجل من جرائم وجنايات أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة..؟.
في الأردن – مثلاً – وعلى سبيل النقد الموضوعي للذات، مقابل الحديث عن سوريا واليمن، وباعتبارها دولة المؤسسات والقانون، لم يخرج قانون مكافحة الفساد ولم تخرج هيئة مكافحة الفساد إلا عام 1996، أي بعد ما يقارب حوالي ثلاثة عقود من تاريخ الدولة، وحتى الآن، ماذا كافح هذان الشيئان الجميلان ( القانون والهيئة )، في دولة مصابة باللصوصية والجبائية والضرائبية، وهوس الرفع والغلاء، والخطاب المسموم..؟، على الأقل نريد أن نتحدث في الأردن عن مجالات تطور الدولة دون الحاجة لأن ننطق بكلمة ( ولكن )..
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.