صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الشركات العائلية في الاقتصاد

0

لا يمكن لأحد إنكار الدور الحيوي، الذي لعبته العائلات الأردنية، في تنمية الاقتصاد الوطني منذ بداية تأسيس الامارة؛ فعائلات بدير والطباع ومنكو والمعشر وابوحسان ونقل والمصري وشومان والصباغ والصايغ وخوري ومراد وجردانة وفاخوري وغيرهم من عشرات العائلات، كان لها بصمات رائدة في العملية الاقتصادية.
هذه حالة ليست مقتصرة على الأردن لوحده، بل في العالم أجمع، فاكبر 250 شركة في العالم هي شركات عائلية، وأكثر من 80 بالمئة من الشركات في العالم بأسره هي شركات لعائلات اقتصادية لها مساهمات كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي العالمي.
في الأردن، ومنذ تأسيس الامارة، ظهرت عائلات اقتصادية شكلت باكورة القطاع الخاص الاردني، والحقيقة أنها كانت سباقة في النشاط الاقتصادي للدولة متفوقة بذلك على القطاع العام، لا بل إن مبادرات تلك العائلات ساهمت بخلق تحالفات اقتصادية مع الدولة، سرعان ما تحولت إلى شراكات اقتصادية بين القطاعين العام والخاص.
لكن عملية التملك الكامل للشركات من قبل العائلات الأردنية لم تعد كما كانت في السابق؛ فأشكالها بدأت تتغير مع تطور الاقتصاد وازدياد حجمه، وتحولت الشركات الخاصة إلى شركات مساهمة عامة، وبقيت العائلات تحتفظ بدور تاريخي في ادارتها، رغم تراجع حصصها في رأسمال تلك الشركات، إذ استطاعت أن تبني تحالفات مع مساهمين جدد وتبقي على حضورها وسيطرتها الادارية.
لا شك بأن هناك جوانب إيجابية في الشركات العائلية على الاقتصاد الوطني من حيث دورها التنموي والريادي، إلا أن الكثير من المشاكل والتجاوزات ظهرت في بعضها، ما جعل العديد منها تواجه مشاكل في استمراريتها، نتيجة الاعمال الادارية التي ادت اضمحلال نشاط تلك الشركات في المملكة، بعد أن تكون بعض القرارات العائلية قد تحكمت في التوزيعات وأسعار الاسهم وايرادات الشركات وقراراتها المختلفة.
في المملكة كان الاقتصاد العائلي يتركز اساسا على القطاعات الاستراتيجية الحيوية، التي لم يكن للدولة اصلا حضور فيها، إلا في وقت متأخر من خلال مساهمات الضمان الاجتماعي على وجه التحديد؛ فقد كان تأسيس البنوك في المملكة، على وجه الخصوص، عائليا بالدرجة الاولى، وتأتي الشركات التجارية والصناعية في المرتبة الثانية. لذلك فإن اكثر من 40 بالمئة من الشركات المدرجة في بورصة عمان تأتي ضمن الشركات العائلية، رغم أنها مساهمة عامة، وهذا يعكس قوة العائلات الاقتصادية في الاردن، وحضورها في المشهد الاقتصادي العام.
من هنا تأتي استقالة الدكتور رجائي المعشر من إدارة البنك الاهلي الأردني بعد عقود من رئاسته هو وعائلته للبنك الاردني الاول الذي تأسس في المملكة، كرسالة اقتصادية في غاية من الاهمية، تتعلق بتعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة والنزاهة في القطاع المصرفي بشكل ذاتي بدون الرجوع الى تلك القواعد؛فالإصلاح يبدأ بشكل ذاتي من داخل البيت، قبل ان يفرض عليه من الخارج، وتشكل خطوة جريئة، لكسر جمود تمسك العائلات بالإدارات التنفيذية في الشركات، وتعتبر خطوة إصلاحية سباقة لم يعتد عليها الأردنيون، الذين سرعان ما خرجوا يفسرون مضامين تلك الاستقالة بخارج اهدافها الحقيقية وتوظيفها في أغراض غير منطقية.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.