صحيفة الكترونية اردنية شاملة

شهود العيان يكشفون بؤس المصالحة الفلسطينية

0

مشهد الابتسامات والمصافحات بين حماس وفتح على الفضائيات يتناقض تماما مع رواية القادمين من قطاع غزة رغم محدودية عددهم، فالروايات التي ينقلها القادمون تروي معاناة ابناء حركة فتح وباقي التنظيمات مع اجهزة حماس الامنية، التي تتصرف كقوة احتلال جبري مع ابناء تلك الفصائل، ويروي عضو وفد كروي يزور عمان الان معاناة الوفد مع حركة حماس وظروف زيارتهم التي حاطتها المعيقات من كل جانب.
على الشرفة المقابلة يقرأ المراقب تصريحات حمساوية تكشف هشاشة المصالحة وربطها بصرف الرواتب واعمار غزة كدور اوحد لحكومة التوافق الفلسطينية التي تريد ان تمارس دورها على الارض دون وجود حكومة ظل حمساوية، والمراقب لا يجد في تصريحات رجالات السلطة ما يشفي غليله حيال المصالحة بل يزداد قناعة ان الحسم العسكري سيكون الفيصل في حكم قطاع غزة.
حديث المصالحة فرضته الضرورة المعاشية لحركة حماس وانصارها بعد العجز عن صرف الحركة لرواتب موظفيها في القطاع، وجاءت ايضا بضغط من موظفي السلطة الذين يعانون الامرين عند اقترابهم من البنوك العاملة في قطاع غزة لصرف رواتبهم، حيث يحاصر المسلحون من حماس فروع البنوك ويمنعون الدخول الى البنوك حتى للتجار كذلك الحال مع ماكينات الصراف الآلي، فموظفو السلطة يريدون رواتبهم دون خوف او معاناة ولذلك يضغطون على الحكومة للاسراع بالمصالحة.
ما تكشفه روايات القادمين تثير القلق حتى على التبرعات العينية والنقدية وكيف ان توزيعها يتم حسب الانتماء التنظيمي وليس حسب حاجة المواطن في غزة، وما زالت منابر المساجد في غزة تُحرّم رواتب السلطة رغم اجراءات المصالحة تحت العدسات وما زال الخطاب الشوفيني طاغيا على تصريحات الفريقين رغم التقدم الحاصل على مسار المصالحة وقبول حماس تسليم المقار الحكومية لحكومة التوافق.
ملف المصالحة حتى الآن لا يتحدث الا في اختصاصات وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل على ابعد تقدير، وما زال الملف السياسي غامضا على صعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بوصف الانتخابات عودة للشعب لاختيار من يقوده ويشرف على خدمته، فحماس لا تريد انتخابات وعباس ايضا ليس مستعجلا رغم انتهاء صلاحية الفريقين حسب القانون الفلسطيني .
الجانب المعاشي على اهميته لا يمكن ان يُفضي الى مصالحة وطنية حقيقية ولا يمكن ان يدفع عجلة القضية الفلسطينية الى الامام، بل يضع القضية تحت خانة كروت المؤن السيئ ذكرها، ويجعل المواطن الفلسطيني في الشتات مسكونا بواقعه في بلد اللجوء مع انخفاض مسعاه الوطني للعودة، فالواقع المعاشي دفع بالغزيين الى الهجرة وقبول الغرق على البقاء في جحيم الصراع الفصائلي، فلماذا يُقبل الفلسطيني على التفكير بالعودة اذا كانت النهاية هجرة جديدة حتى لو كانت غير شرعية وتقود الى الغرق والهلاك في قعر البحر .
روايات القادمين من غزة تحمل نفس امراض الصراع الشوفيني بين الفرقاء هناك، فكل مَن ينتمي الى فصيل يتحدث بروايته ولسانه، وقلة من يتحدثون بلسان الوحدة وتجاوز اثارها، الى الحد الذي دفع احد اعضاء الوفد الكروي الزائر الى القول “ تمنينا استمرار العدوان حتى لا نعود الى حكم حماس “ مُشككا في كل روايات الحركة عن الاغتيالات التي يصفها بالتصفيات مع الفصائل وليس تصفية العملاء .
واقع الكاميرات الضاحك ليس هو الواقع الفعلي لما يجري على ارض غزة حسب روايات القادمين ومن تيسر الاتصال معهم، وحرص السلطة والحركة على التصالح مشكوك فيه بعد ان رضي كل طرف بغنيمته من الاقتتال، وبات الحديث عن الخسارة الوطنية حديث غير مسموع او لابراء الذمة ولتبرير المواقف وازاحة المسؤولية عن الفشل ورميها في حضن الطرف الثاني والخاسر فقط هو الفلسطيني في فلسطين وعلى ارض اللجوء على أمل حدوث ربيع فلسطيني يقلب الواقع ويعيد الوحدة قسرا إلى الفصائل.
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.