صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأردن أمام المحاكم الدولية

0

في اللقاء الأخير لجلالة الملك مع كبريات الشركات الفرنسة في باريس، لم يتوان رؤساء تلك الشركات العالمية عن الثناء والاعجاب بالجهود الملكية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وجذب المستثمرين للمملكة، لكن اللقاء لم يخلو من العتب الشديد على الحكومة التي، حسب رأيهم، ستدفعهم إلى اللجوء للمحاكم الدولية لتحصيل حقوقهم منها.
هذا العتب أوقع الوفد الأردني بموقف حرج، ففي الوقت الذي يتم فيه شرح الميزة التنافسية لبيئة الاعمال الاردنية وما تتمتع به من استقرار من بين دول منطقة الشرق الاوسط، يتفاجأ الملك بانتقاد مباشر من الشركات العالمية للإجراءات التي اتبعتها الحكومة ضد استثمارات هذه الشركات في المملكة، وتعامل الحكومة “الجبائي” معها.
الرئيس التنفيذي لـ”فرانس تيليكوم”، المالكة لمجوعة اورانج، أعرب عن أسفه للسياسات الحكومية، التي تتعامل مع شركته وفق منطق الجباية، وبالتالي حصرها وتهديد استمرارية وجودها في المملكة في حال عدم تجديد الرخصة للجيل الثاني بمبلغ، أجمع عديدون، حتى الشركات المنافسة، على أنه خرافي وغير عادل، وأنه في حال عدم دفع الرسوم قبل ايام قليلة من انتهاء موعد الرخصة، فإنه لن يتم منح الشركة فرصة إضافية وسيتم سحب ترخيصها وإخراجها من السوق، ما دفع الشركة إلى تجديد الرخصة لمدة خمس سنوات بدلا من 15، كما كان مخطط له.
“اورانج” أوضحت، خلال اللقاء الملكي، موقفها من إجراءات الحكومة بأنها، في حال عدم عودة الحكومة عن قراراها، ستضطر لاستكمال إجراءاتها القانونية، التي بدأت فعلا، والخاصة بالتوجه الى المحاكم الدولية لتحصيل حقوقها من الحكومة.
اما رئيس شركة “لافارج”، عملاق الاسمنت العالمي، فقد أبدى استغرابه الشديد من تعنت الحكومة ورفضها المطلق لاستثمار الشركة لأراضيها في منطقة الفحيص، وهي تنفذ الآن خطوات فعلية لإغلاق المصنع والخروج منه نهائي، بعد رفض طلباتهم باستخدام الفحم البترولي، لذلك فالشركة بصدد دراسة تطوير أراضيها في المنطقة، والبالغة مساحتها 1884 دونما، إلا أن الحكومة ترفض أي تغيير في استخدامات الاراضي لاسباب مختلفة، منها ما هو متعلق بمدينة الفحيص نفسها، وأخرى تتذرع بعدم امتلاك الشركة للأراضي كلها، علما بأن هناك سندات ملكية كاملة وقانونية في جميع اراضي الفحيص مسجلة باسم مساهمي شركة الاسمنت الاردنية، التي تمتلك لافارج ما يزيد على 51 بالمئة من أسهمها. وهي أيضا أمهلت الحكومة وقتا جديدا لإنهاء هذه المشكلة قبل اللجوء إلى المحاكم الدولية.
قبل ذلك، هناك فعلا من ذهب إلى المحاكم الدولية؛ فرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس لجأ للمحاكم الدولية، بعد أن فرضت عليه المحاكم الأردنية مبالغ وغرامات تقدر بنحو 100 مليون دولار، ثمن ما يسمى بـ”الشهرة”، التي تحصل عليها من بيع أسهمه في “فاست لينك” إلى مجموعة “زين” الكويتية بمبلغ 415 مليون دولار.
الأمر ذاته بالنسبة لرجل الأعمال الكويتي فؤاد الغانم، الذي حكمت المحاكم الأردنية عليه برسوم وغرامات تتجاوز 60 مليون دولار، جراء الشهرة التي اكتسبتها صفقة بيع “أمنية” لشركة “بتلكو البحرين” بمبلغ 315 مليون دولار.
في كلا الحالتين السابقتين، تسعى الحكومة لتحصيل اموال من اهم صفقات بيع شركات الاتصالات الاردنية الخلوية، والتي تمت في السنوات السابقة وأثارت جميعها جدلا واسعا في الشارع، نتيجة ضخامة هاتين الصفقتين، وفي الحقيقة أنه لا يوجد في قانون الضريبة الأردني ما يفرض على البائعين دفع أية ضرائب، تحت ما يسمى ببند الشهرة أو ضرائب رأسمالية، ولكن الحكومة وجدت نفسها في مأزق أمام الرأي العام، نتيجة عدم استفادة الخزينة من تلك الصفقات، فقررت الرجوع بأثر رجعي لتحصيل ضريبة رأسمالية على صفقتي “فاست لينك” و”أمنية”، وهو ما دفع بالبائعين إلى اللجوء للمحاكم الدولية.
للأسف؛ كل الجهود، التي يبذلها الملك في جذب الشركات الاستثمارية العالمية للأردن، وجعل المملكة انموذجا استثماريا وتنمويا فريدا في المنطقة، تصطدم بسياسات وإجراءات حكومية “تطفش” المستثمرين، وتهدم كل ما بناه جلالة الملك في زياراته ولقاءاته مع كبار المستثمرين العالميين، لذلك الكل بانتظار ما سيفعله فريق الديوان الملكي، الذي بدأ فعلا الاتصال مع هذه الشركات، لردم الفجوة بين الحكومة وكبار المستثمرين العالميين، وتصحيح ما يمكن تصحيحه.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.