صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ملاحظات حول مشروع قانون الضريبة

0

خطى النواب خطوة مهمة في مناقشات مشروع قانون ضريبة الدخل، بعد أن تم إعفاء القطاع الزراعي من الاستحقاق الضريبي، وهذا أمر مهم لهذا القطاع الذي يعاني من تحديات تهدد استمرارية وجوده اساسا. لكن مشروع القانون الحالي يبقى يتضمن نقاطا مثيرة للجدل ولا تحقق التنمية المنشودة في الاقتصاد الوطني، وتساهم بخلق مزيد من التشوهات المالية في هيكل الدولة العامة.
فالصيغة الحكومية لمشروع القانون ما تزال تصر على خلق ازدواجية ضريبية بين القطاعين، الصناعي والتجاري، بعد ان كانا بالقانون المعمول به متساويان، فزيادة الضريبة على القطاع التجاري من 14 إلى 20 بالمئة وابقائها 14 بالمئة على القطاع الصناعي عند أول 100 ألف محققة من المبيعات فيه تعارض واضح لمبدأ المساواة بين القطاعين الذي استمر العمل به لسنوات طويلة.
كما أن المحاباة بين القطاعين التجاري والخدمي من جهة، والصناعي من جهة أخرى، لا تحقق العدالة الضريبية، إذ سيؤدي هذا التمييز إلى زيادة نسب التهرب والتجنب الضريبي؛ علماً بأن القطاعين التجاري والخدمي يساهمان بما نسبته (43.5%) من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل ما يزيد عن (38%) من إجمالي العاملين في المملكة، وبالتالي فان المساواة بين القطاعين هي الحل الامثل للجميع والخيار المالي الافضل للقطاع الخاص.
هذا ولا يسمح مشروع القانون الجديد للضريبة بتدوير الخسائر دون تحديد فترة زمنية محددة، إذ ينص المشروع على عدم تدوير الخسائر لأكثر من خمس سنوات فقط. إلا أن هذا النص قد خالف ما جرى العمل به في قوانين ضريبة الدخل السابقة، والتي كانت تسمح بتدوير مبلغ الخسارة إلى السنة أو السنوات التالية دون تحديد مدة زمنية لهذا التدوير.
نقطة في غاية من الاهمية قامت بها لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، من خلال اضافتها فقرة على مشروع القانون تنص على اعتبار التخلف عن توريد المبالغ الضريبية المقتطعة خلال ثلاثين يوماً ارتكاباً لجرم إساءة الائتمان الوارد في قانون العقوبات النافذ المفعول.
هذه الفقرة سوف تسيء إلى بيئة الأعمال والنشاط الاقتصادي في المملكة، إذ أن معاملة التخلف عن توريد الضريبة باعتبارها ارتكاب لجرم إساءة الائتمان كما في قانون العقوبات، سيؤدي إلى تعريض التاجر إلى عقوبة الحبس، وهو أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال، كما أنه غير مطبق بهذا الشكل في أي من الأنظمة الضريبية الدولية، باعتباره أمرا يؤثر بشكل مباشر على سمعة التاجر المعنوية والمادية، خاصة وأن إمكانية عدم توريد الضريبة في الوقت المحدد يمكن أن تنتج عن سهو أو خطأ غير مقصود أو أي ظرف قاهر آخر، وبالتالي لا يمكن اعتباره جرم إساءة ائتمان ومعاملته ضمن قانون العقوبات الذي يُدرج هذه الجريمة كجريمة جنائية، فضلا عن أنه بالإمكان معالجة التأخير في توريد هذه الضريبة بنفس معاملة الضرائب الأخرى التي يعالجها القانون نفسه لفرض الغرامات المالية.
مشروع قانون الضريبة يتضمن فرض غرامة بنسبة (أربعة بالألف) عن كل أسبوع تأخير في حال عدم دفع الضريبة أو توريدها في المواعيد المحددة، وهي نسبة عالية جداً، وتصل إلى (21 بالمئة) سنويا.
بإمكان مجلس النواب ان يجعل من مسالة الاصلاح الاقتصادي حقيقة على ارض الواقع، من خلال قانون الضريبة إن تم تحسين بنوده بما يخدم مسالة تحفيز الاقتصاد والمساهمة بتطوير بيئة الاعمال، ودون ذلك سيقى الجميع يدور بنفس الدائرة، التي لا تخدم العملية التنموية.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.