صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العربي.. أزمة وتعدي

0

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها البنك العربي لهزة مالية من هذا النوع، بعد صدور حكم إدانة ضده بتهمة تمويل الإرهاب من محكمة أميركية، فقد شهدت مسيرة البنك في العقود الماضية هزات كبرى من مختلف الأنواع، وكان في كل مرة يخرج أقوى مما كان عليه، وتتعزز ثقة المستثمرين والمساهمين والعملاء بـ”العربي”، الذي يعد من أبرز البنوك العالمية وأعرقها.
والكل يتذكر أن البنك تعرض لموجة سحوبات كبيرة إثر عدوان 1967، وما كان منه سوى أن فتح أبوابه لكل من يرغب بسحب أمواله، فكانت ردة الفعل عكسية، إذ زادت الايداعات ونما نشاط البنك وأعماله في مناطق عدة من العالم.
خطورة قرار المحكمة الأميركية ليس على الوضع المالي في البنك العربي وملاءته ومكانته؛ فالمصرف أكبر بكثير مما يعتقد البعض، وقادر بكل سهولة على امتصاص تداعيات مثل هذه الأزمات دون مشاكل.
لكن الخطورة في قرار المحكمة الأميركية تكمن في أنه قد يشكل تهديدا واضحا للقطاع المصرفي العالمي، إذ سجلت المحكمة الأميركية سابقة خطيرة في مسألة تمويل الارهاب، وباتت البنوك جميعها تحت قصف المنظمات والهيئات، التي ستتلاعب بكثير من مصطلحات الإرهاب وتوظفها، لجعلها أداة ابتزاز للقطاع المصرفي، فقد بات أي بنك لديه حساب لعميل ارتكب جرما او فعلا إرهابيا معينا معرض لدفع ثمن ما قام به ذاك العميل.
وظيفة البنك هي التأكد من سلامة الوضع المالي للعميل والتزامه بالتعليمات المصرفية، أما أن تتحدد هويته وانتماءاته السياسية والحزبية، فتلك وظيفة الأجهزة الأمنية لا إدارة البنك، وإلا لاعتبرنا أن جميع الاموال، التي استخدمت في تفجيرات سبتمبر هي أموال إرهابية، والسحوبات التي تمت من البنوك، بمنطق المحكمة الأميركية، سحوبات مولت أعمالا إرهابية، خاصة وأن كثيرا من إرهابيي تفجيرات 11 سبتمبر كانوا يقطنون الولايات المتحدة لفترات طويلة قبل التفجيرات.
نعم هذه سابقة قضائية كبيرة وخطيرة على القطاع المصرفي العالمي، ومن المفترض أن تحظى باهتمام إدارات البنوك العالمية، التي بات من واجبها حماية مؤسساتها من التغول والتطرف في تفسير الأعمال الإرهابية، التي تطال أعمالا عديدة، وفي كثير من الأحيان تخضع لمزاجية تحالفات سياسية.
البنك العربي لم يتفاجأ بقرار المحكمة الأميركية، ولديه مؤشرات قوية بفسخ الحكم القضائي في الاستئناف، خاصة وأن المدعي العام الأميركي الممثل للحكومة الأميركية أيد بينات البنك العربي، وأرسل رسالة واضحة للمحكمة حول هذه القضية، التي تعتبر حقا سابقة خطيرة في القضاء الأميركي.
بالنسبة لوضع البنك في الأردن، فتعاملات بورصة عمان في اليوم الأول من صدور القرار دلت بوضوح على تماسك السهم، وان الجميع معني بالمحافظة على ريادية هذا السهم وحمايته من السقوط، الذي حاول البعض أن يتلاعب به، وأظهر وحدة كبيرة بين المساهمين والمستثمرين، لذلك لا يوجد ما يدعو للقلق على البنك العربي بقدر ما أن في الامر قلق على القطاع المصرفي برمته.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.